اقرأ في هذا المقال
- • حرب 2020 بين أرمينيا وأذربيجان أبرزتْ التهديدات الجيوسياسية الكبيرة للبنية التحتية للطاقة
- • خطوط الأنابيب المدفونة تحت الأرض والمحمية بدفاعات جوية أذربيجانية متقدمة تشكّل أهدافًا عسكرية صعبة
- • حجم صادرات غازبروم إلى أوروبا أظهر علامات تراجع قبل الحرب بين أرمينيا وأذربيجان
- • متوسط إنتاج النفط الفعلي في أذربيجان لعام 2023 بلغ نحو 0.52 مليون برميل يوميًا
- • البنية التحتية لخطوط الأنابيب المخصصة لتصدير الغاز الأذربيجاني تعمل حاليًا بأقصى قدرتها
أبرزت حرب عام 2020 بين أرمينيا وأذربيجان التهديدات الجيوسياسية الكبيرة للبنية التحتية التي تربط موارد النفط والغاز في بحر قزوين بالأسواق الأوروبية الكبرى، إذ تزايدت المخاوف بشأن التعطُّل المحتمل لصادرات الطاقة من حوض قزوين وأمن البنية التحتية ذات الصلة.
وقد شعرت شركة بريتيش بتروليوم (بي بي) البريطانية، المستثمر الأجنبي الرئيس في باكو، بالقلق بعد أن تردَّد أن صاروخًا أصاب خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، وهو الطريق الرئيس لتصدير النفط الخام في أذربيجان.
وعلى الرغم من أن هذه الحوادث لم تعطّل إمدادات الطاقة، فإنها كشفت تقلّب الديناميكيات الإقليمية وتأثيرها المحتمل في قطاع النفط والغاز.
البنية التحتية الحيوية لنقل الطاقة
تتكون البنية التحتية الحيوية لنقل الطاقة في أذربيجان من خطَّي أنابيب نفط يربطان حقول النفط هناك في بحر قزوين بالمواني في جورجيا وتركيا.
ويمكن أن تؤدي الأضرار التي لحقت بخطوط الأنابيب هذه إلى إعاقة الصادرات، ما يؤثّر في باكو المنتجة ودول العبور مثل جورجيا وتركيا والدول المستهلكة داخل الاتحاد الأوروبي.
وتشكّل خطوط الأنابيب، المطمورة تحت الأرض والمحمية بدفاعات جوية أذربيجانية متقدمة، أهدافًا عسكرية صعبة.
ومن المثير للاهتمام أن حرب قره باغ الثانية اندلعت قبل شهر واحد فقط من بدء تشغيل خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي (تاب) الذي طال انتظاره.
وسينقل خط الأنابيب هذا، وهو داعم حيوي لممر الغاز الجنوبي، 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا من حقل الغاز شاه دنيز 2 في أذربيجان إلى اليونان وألبانيا وإيطاليا.
وهذا من شأنه أن يعزز أمن وتنويع إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا، علاوة على ذلك، يحمل خط الأنابيب الجديد هذا أهمية إستراتيجية لأوروبا، إذ يمكنه نقل غاز آسيا الوسطى في المستقبل، ما قد يشكّل تحديًا لهيمنة شركة غازبروم الروسية في السوق الأوروبية.
وفي أعقاب صراع روسيا مع أوكرانيا، تعهدت أذربيجان بمضاعفة إمداداتها من الغاز من خلال خط أنابيب تاب بحلول عام 2027، وهي خطوة حاسمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وسط تصاعد التوترات مع شركة غازبروم.
وأظهر حجم صادرات غازبروم إلى أوروبا، الذي بلغ نحو 199 مليار متر مكعب في عام 2019، علامات تراجع قبل الحرب بين أرمينيا وأذربيجان.
وفي الوقت نفسه، ومع تقديم ممر الغاز الجنوبي بأسعار تنافسية، زادت تركيا وارداتها من الغاز الأذربيجاني بنسبة 24% في عام 2020، في حين انخفضت وارداتها من الغاز الروسي بشكل حادّ.
منتجات النفط والغاز في أذربيجان
في عام 2022، شكّلت منتجات الطاقة في أذربيجان 88.0% من إجمالي حجم الإنتاج، أي ما يعادل 75.5 مليون طن من النفط، وتشكّل منتجات الطاقة الأولية الأغلبية، تليها المنتجات النفطية بنسبة 8,3%، والحرارة والكهرباء بنسبة 3,7%.
على وجه التحديد، شكّل النفط الخام (بما في ذلك مكثفات الغاز) 50.5% من جميع منتجات الطاقة الأولية، في حين أسهم الغاز الطبيعي بنسبة 49.1%، ومصادر الطاقة المتجددة بنسبة 0.4% فقط.
وتشتهر أذربيجان بتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات النفطية، وفي عام 2022، وصل حجم صادرات البلاد إلى 49.6 مليون طن من مكافئ النفط، منها 55.2% من النفط الخام، و42.5 % من الغاز الطبيعي، و2.0% من المنتجات النفطية، و0.3% من الكهرباء.
وبالمقارنة بعام 2021، شهد إجمالي إمدادات الطاقة زيادة بنسبة 6.2%، ليصل إلى 18.7 مليون طن من مكافئ النفط. ومن أصل هذه الكمية، استُعمِلت 20.1% في عمليات التحويل، وشكّل استهلاك صناعات الطاقة 4.5% لاستعمالها الخاص، في حين بلغت الخسائر 4.0%.
ووُجِّهَت النسبة المتبقية البالغة 71.4% نحو الاستهلاك النهائي والقطاعات الأخرى، وبتقسيم الاستهلاك النهائي لأغراض الطاقة، استهلكت الأسر الحصة الأكبر بنسبة 40.4%، وتلاه قطاع النقل بنسبة 27.8%، ثم الصناعة والبناء بنسبة 16.3%، واستغلت قطاعات الاقتصاد الأخرى النسبة المتبقية البالغة 15.5%.
حقول النفط في أذربيجان
تُعدّ حقول النفط الموجودة في أذربيجان، ولا سيما حقل أذري-جيراق-غونشلي المركزي، آخذة في النضوج، ما يؤدي إلى انخفاض طبيعي في إنتاجها.
على سبيل المثال، بين عامي 2010 و2021، شهد إنتاج النفط انخفاضًا بنسبة 30%، إذ انخفض من أكثر من مليون برميل يوميًا إلى نحو 0.74 مليون برميل يوميًا، وفي عام 2022، استمر هذا الاتجاه مع انخفاض بنسبة 5%، ليستقر عند 0.7 مليون برميل يوميًا.
وعلى الرغم من التوقعات بحدوث انخفاض في إنتاج النفط على المدى المتوسط، فمن المتوقع أن يتراجع قليلًا، ومن المتوقع أن يصل الانخفاض الإجمالي إلى نحو 7% بين عامي 2023 و2026.
ويُعزى التباطؤ في معدل الانخفاض إلى التشغيل المرتقب لمشروع وسط شرق أذربيجان في عام 2024، ومن المتوقع أن ينتج هذا المشروع، الذي يمثّل المرحلة النهائية من تطوير حقل أذري-جيراق-غونشلي، ما يصل إلى 100 ألف برميل يوميًا في ذروته.
وما تزال أذربيجان عضوًا في اتفاق تحالف أوبك+،وبموجب الاتفاق، تبلغ حصة البلاد من إنتاج النفط الخام لعام 2024، 0.55 مليون برميل يوميًا.
وتجدر الإشارة إلى أن متوسط إنتاج النفط الفعلي في أذربيجان لعام 2023 بلغ نحو 0.52 مليون برميل يوميًا.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم إنتاج وصادرات أذربيجان من النفط في المدة بين 2007 و2022:
مستقبل قطاع الغاز في أذربيجان
يبدو مستقبل قطاع الغاز في أذربيجان أكثر إشراقًا بكثير من نظيره النفطي، فقد بدأ الإنتاج في حقل غاز شاه دنيز ضمن إطار مبادرة المرحلة الثانية في عام 2018.
وفي عامي 2019-2020، أُطلِقَ خطّا أنابيب رئيسان مرتبطان بهذا المشروع: خط أنابيب الغاز العابر للأناضول (تاناب) وخط أنابيب الغاز العابر للبحر الأدرياتيكي (تاب).
وتسهّل خطوط الأنابيب هذه نقل الغاز إلى تركيا وأوروبا على التوالي، ونتيجة لذلك، شهدت أذربيجان بين عامي 2017 و2022 زيادة بنسبة 90% في إنتاجها من الغاز، ليصل إلى 34 مليار متر مكعب.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا الحجم بنسبة 7% أخرى بحلول عام 2026، وفقًا للتوقعات الرسمية.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم إنتاج وصادرات الغاز في أذربيجان من 2007 حتى 2022:
وتعمل البنية التحتية لخطوط الأنابيب المخصصة لتصدير الغاز الأذربيجاني، حاليًا، بأقصى قدرتها. وستتطلب أيّ زيادة أخرى في حجم الصادرات توسعة هذه البنية التحتية.
وتُعدّ دول الاتحاد الأوروبي المشتري الرئيس للنفط والغاز من أذربيجان، وعلى وجه التحديد، فإن إيطاليا مسؤولة عمّا يقرب من 45% من إجمالي صادرات النفط الأذربيجانية، في حين تسهم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بنسبة 25% إضافية.
إضافة إلى ذلك، تُعدّ إيطاليا المشتري الأول للغاز الأذربيجاني، إذ تمثّل نحو 50% من إجمالي صادرات البلاد من الغاز، وبالنسبة لعام 2023، تتوقع الحكومة الأذربيجانية أن يبلغ إنتاج النفط نحو 31 مليونًا و222.3 ألف طن، وأن يبلغ إنتاج الغاز نحو 46 مليارًا و761.6 مليون متر مكعب.
وتتوقع الحكومة الأذربيجانية أن يقترب إنتاج الغاز التجاري في عام 2023 من 35 مليارًا و900.3 مليون متر مكعب.
تنويع الدبلوماسية في مجال الطاقة
بعد الحرب، سعت أذربيجان إلى تنويع دبلوماسيتها في مجال الطاقة، وكان حل النزاع طويل الأمد مع تركمانستان بشأن حقل النفط دوستلوغ (كاباز/سردار سابقًا) في بحر قزوين بمثابة شهادة على ذلك.
وقد ولّدت هذه المصالحة تفاؤلًا بشأن خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر لبحر قزوين، الذي يمكن أن يتكامل مع ممر الغاز الجنوبي. وبالنسبة لأذربيجان، فقد مهّد هذا الانفراج الطريق أمام مشروعات البنية الأساسية، ما أدى إلى إبراز دورها بجهود تنويع مصادر الطاقة في أوروبا.
وبالنسبة لتركمانستان، توفر الشراكة مع باكو فرصة لإعادة توجيه بعض صادراتها من الطاقة وسط التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
على صعيد آخر، يتطلب حقل دوستلوغ الذي أعيدت تسميته مؤخرًا تطويرًا كبيرًا للبنية التحتية لاستخراج النفط والغاز، ولقد أكدت أذربيجان أهمية موارد بحر قزوين بالنسبة للغرب، ما أدى إلى اتخاذ موقف سياسي أكثر مرونة.
بالنظر إلى ذلك، من المرجح أن تكثّف أذربيجان جهودها من أجل مشروعات النقل والطاقة لتعزيز سمعتها بصفتها شريكًا موثوقًا للطاقة.
وفي الوقت الحالي، تبدو التوترات المتجددة واضحة في منطقة قره باغ، وتستمر الجهود الدبلوماسية، بقيادة الاتحاد الأوروبي في المقام الأول، لتطبيع العلاقات بين البلدين.
الجدير بالذكر أن أذربيجان حاولت تاريخيًا عزل أرمينيا عن المشروعات الإقليمية، مثل خط أنابيب النفط باكو-تبليسي-جيهان، ورغم ذلك، فإن الخط البحري للكهرباء المرتقب في البحر الأسود -وهو مشروع كبير للبنية التحتية يدعمه الاتحاد الأوروبي- يمكن أن يشمل أرمينيا، مستفيدًا من قوّتها التاريخية في تصدير الطاقة.
* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply