واردات كوريا الجنوبية من النفط السعودي والأميركي تتراجع في أغسطس

سجلت واردات كوريا الجنوبية من النفط السعودي والأميركي تراجعًا ملحوظًا خلال شهر أغسطس/آب (2023)، متأثرةً بتراجع أغلب المؤشرات الاقتصادية في البلاد، ما انعكس بوضوح على هبوط توقعات الطلب على النفط.

ويؤثر تباطؤ الطلب على وقود النقل في البلد الآسيوي، مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم وضعف العملة المحلية الكورية (الوون)، في الإنفاق الاستهلاكي، في حين تبدو توقعات الطلب على الوقود في النشاط الصناعي قاتمة -أيضًا- في ظل معاناة قطاعات التصنيع والمالية والبناء في البلاد، وفق مصادر مطلعة، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا السياق هبطت واردات كوريا الجنوبية من النفط بنسبة 22.3% من عام سابق، مع استقبال مصافي النفط شحنات أقل من السعودية والولايات المتحدة، وسط تنامي المخاوف من أن تضع شهية المستهلك الضعيفة والنشاط الاقتصادي الهش ضغوطًا إضافية على الطلب المحلي، وفق ما أوردته منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس S&P Global Commodity Insights، نقلًا عن مصادر مطلعة في الصناعة.

وبلغت واردات كوريا الجنوبية من النفط 75.33 مليون برميل، أو ما يعادل 2.43 مليون برميل يوميًا في أغسطس/آب (2023)، مقارنة بـ96.92 مليون برميل استوردها رابع أكبر مشترٍ للنفط في العالم، في المدة نفسها من العام السابق، وفق بيانات صادرة عن شركة النفط الوطنية الكورية الحكومية “كنوك” Korea National Oil Corp.

الأقل في 14 شهرًا

تُعد واردات كوريا الجنوبية من النفط في أغسطس/آب (2023) الأصغر في 14 شهرًا منذ استيراد سول 74.06 مليون برميل في يونيو/حزيران (2022).

وخلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الجاري (2023)، لامست واردات كوريا الجنوبية من النفط 661.43 مليون برميل، بانخفاض 5% من المدة ذاتها قبل عام.

ووفق مسوقي المشتقات النفطية المتوسطة في المصافي الكورية الجنوبية مثل إس أويل S-Oil وإس كيه إنرجي SK Energy، وكذلك محللو سوق الدخول الثابتة في شركتي أوراق مالية مقرها سول، سيجري وضع حد أقصى لأوقات تشغيل المصافي وإنتاج الخام خلال الربع الرابع من العام الحالي (2023)، مع تراجع آفاق النقل المحلي والطلب على الوقود في النشاط الصناعي، في ظل ارتفاع الديون الأسرية، ومخاوف التضخم التي تكبح الإنفاق الخاص إلى جانب مشروعات البناء العقارية الجديدة.

تراجع شهية المستهلك

تُسهم أسعار النفط المرتفعة -تقليديًا- في خفض شهية المستهلك في كوريا الجنوبية بمعدل أكبر من نظيره في البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط، والدول المتقدمة، إذ يعتمد رابع أكبر اقتصاد في عموم آسيا بالكامل على وارداته من الخام في سد احتياجاته المحلية المتزايدة من تلك السلعة الإستراتيجية.

ومن المرجح أن يؤثر الزخم المتصاعد في أسعار التجزئة لكل من الديزل والبنزين سلبًا على الطلب الاستهلاكي في كوريا الجنوبية خلال بقية العام، في حين ستُترجم الديون الأسرية المتصاعدة في البلد الآسيوي -أيضًا- إلى تراجع في استعمال السيارات الخاصة، بحسب ما صرّح به مسوقو المشتقات النفطية المتوسطة إلى منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.

ولامست أسعار تجزئة البنزين في محطات الوقود 1.776.3/ لترًا (1.32/لترًا) في الأسبوع الممتد إلى العاشر من سبتمبر/أيلول (2023)، مقارنةً بأعلى متوسط سعر أسبوعي في الأسبوع المنتهي في 14 أغسطس/آب (2023)، والبالغ 1.780.2/لترًا (1.324/لترًا)، بحسب ما أظهرته بيانات كنوك.

وعلاوة على ذلك ربما تستمر معدلات التشغيل في المصانع ومحطات التصنيع المتطورة في التراجع، متأثرةً بانخفاض صادرات السلع والخدمات إلى الصين، ثاني أكبر بلد تعدادًا للسكان في العالم، ما يرسم صورة كئيبة للطلب على الوقود في القطاعين الصناعي واللوجستي، وفق تصريحات مصادر في المصافي ومحللين في أسواق المال.

وهبط مؤشر مديري المشتريات التصنيعي “إس أند بي غلوبال” في كوريا الجنوبية إلى 48.9 في أغسطس/آب (2023) من 49.4 في يوليو/تموز (2023)، ليظل دون القراءة 50 التي تفصل النمو عن الانكماش، ما يعكس تدهورًا في ظروف النشاط بوجه عام، ويوسع التباطؤ الحالي إلى 14 شهرًا.

النفط السعودي

ربما تضع آفاق الطلب المحلي الضعيف ضغوطًا على مصافي النفط خلال بقية العام الحالي (2023)، ما يدفع فرق التجارة إلى العمل على رفع الحد الأدنى من إمدادات النفط الخام الشهرية المتعاقد عليها من موردي الشرق الأوسط، وفق مديري المواد الخام في المصافي الكبرى في كوريا الجنوبية.

وبلغت واردات كوريا من النفط السعودي 27.73 مليون برميل في أغسطس/آب (2023)، بتراجع نسبته 28.8% من العام السابق، ما يمثل تراجعًا للشهر الثاني على التوالي على أساس سنوي، بحسب بيانات كنوك.

وقال أحد مديري المواد الخام في مصفاة كورية جنوبية تقع في مدينة أولسان جنوب شرق البلاد: “أسعار البيع الرسمية للخام العربي باهظة أيضًا، ما دامت تحافظ السعودية أكبر موردي النفط الخام إلى سول، على سيطرتها على الإنتاج، ستتجه فروق الأسعار المباشرة وسعر البيع الرسمي نحو الارتفاع”.

وخلال فبراير/شباط (2023)، بلغت واردات كوريا الجنوبية من النفط السعودي 27.96 مليون برميل، بزيادة 10.4% من عام سابق، بحسب ما أظهرته البيانات الصادرة عن شركة النفط الوطنية الكورية.

وخلال أول شهرين من عام 2023، لامست واردات كوريا الجنوبية من النفط السعودي 56.28 مليون برميل، ما يمثل 33.6% من إجمالي واردات المصافي من المواد الخام خلال المدة ذاتها، بحسب ما أظهرته حسابات الحصة السوقية للواردات التي أعدتها منصة “إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس”.

وبهذا المعدل، وبأخذ الجهود المتنامية التي تبذلها الحكومة الكورية في الحسبان لتعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين سول والرياض، كانت الأولى تمضي في مسارها الذي يقودها إلى تسجيل أعلى حصة سوقية سنوية من واردات النفط السعودي منذ أن لامست 36.3% خلال عام 1995، وفق مديري المواد الخام في اثنتين من مصافي النفط الكورية الكبرى، ومحللين في الصناعة.

في المقابل أوقفت سول جهودها الرامية لتنويع واردات النفط في العامين الماضيين، مع فرض مجموعة الدول الـ7 عقوبات على تجارة النفط الروسي، في حين يرسل كبار المنتجين في أفريقيا والأميركتين مزيدًا من شحناتهم النفطية إلى أوروبا، وفق ما قاله كبير محللي أبحاث السوق في جمعية النفط الكورية.

وخلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط (2023)، استوردت كوريا الجنوبية 168.796 مليون برميل من الخام، بانخفاض 3% من 174.076 مليون برميل في المدة نفسها من العام الماضي.

وبلغت واردات كوريا الجنوبية من النفط الأميركي 8.276 مليون برميل في أغسطس/آب (2023)، بتراجع نسبته 23.3%، من 10.789 مليون برميل خلال المدة ذاتها من العام الماضي (2022).

كما لامست واردات كوريا الجنوبية من النفط الأميركي 89.647 مليون برميل خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب (2023)، بتراجع طفيف جدًا من 89.65 مليون برميل خلال المدة ذاتها قبل عام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..