يصدر بنكا غولدمان ساكس ومورغان ستانلي تقارير تحمل كثيرًا من التوقعات بشأن أسعار النفط المرتقبة وحركة الأسواق وغيرها، ويترقب كثير من المؤسسات الإعلامية والخبراء هذه التقارير، على الرغم من أنها كثيرًا ما لا تطابق الواقع.
ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن البنكين من أكبر البنوك الاستثمارية في العالم، ويصدران تقارير كثيرة يهتم بها الإعلام، بغض النظر عما إذا كانت هذه التقارير صحيحة أم لا.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج “أنسيّات الطاقة“، قدمها الدكتور أنس الحجي عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان “أسواق النفط بين إنتاج ليبيا وتوقعات غولدمان ساكس وإكسون موبيل”، ورصد خلالها التقارير الخاصة بأسعار النفط.
وقال إن تاريخ غولدمان ساكس -تحديدًا- في مجال النفط سيئ جدًا، إذ إن هذا البنك هو من توقع خبراؤه وصول أسعار النفط إلى 300 دولار، ثم قالوا ستصل إلى 250 دولارًا، ثم 200 دولار، ثم 180 دولارًا، ولم يحدث أي من ذلك.
تقريران بشأن أسعار النفط
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن بنكي غولدمان ساكس ومورغان ستانلي خرجا في يوم واحد بتقريرين، يقولان إن أسعار النفط ستنخفض خلال عام 2025.
وأضاف: “عدلا توقعاتهما بشأن أسعار النفط هبوطًا لعام 2025، وهذا تسبب في هزة بالسوق، وأسهم اليوم في تخفيض الأسعار، وذلك بسبب خروج تقرير من بنكين منفصلين يتوافقان على الفكرة نفسها”.
وتابع: “مشكلتي مع البنكين ليست في توقعات هبوط الأسعار، ولكن في السبب والتسويغ لهبوط الأسعار، إذ إن تقرير غولدمان ساكس يحتوي على مجموعة من الأخطاء التي لا يقع فيها طالب جامعي، الأمر الذي وصل إلى مرحلة صارت فيها هذه التقارير مزعجة جدًا”.
وضرب الدكتور أنس الحجي مثالًا بتحالف أوبك+، الذي يضم 23 دولة، وبناء على الاتفاق يجتمع وزراء هذه الدول مرتين سنويًا، ويقررون خطط الإنتاج، وهناك لجنة مراقبة السوق التي تجتمع كل شهرين، وتضم مجموعة من الوزراء لديهم صلاحية تغيير سياسة التحالف، إذا لزم الأمر.
ولفت إلى أن المشكلة في تقرير غولدمان ساكس، الذي يُفترض أنه متخصص في مجال النفط والطاقة، أن هناك 23 دولة، بينها 8 دول وأحيانًا 9، حسب دولة معينة ستدخل معها أم لا، قررت خفض إنتاج النفط طوعًا مرتين.
وأوضح أن هذه الدول الـ8 اجتمعت منذ مدة وقررت أنه بما أن الطلب على النفط يزيد، وهناك زيادة خلال الربع الرابع، فستبدأ بإلغاء هذه التخفيضات تدريجيًا، ابتداء من أول الربع الرابع، في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وأردف: “هذه الدول الـ8 ستزيد إنتاج النفط بداية من 1 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، في محاولة لإلغاء موضوع التخفيضات الطوعية الأولى أو إنهائها، التي يبلغ حجمها نحو 2.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام”.
وقال إن الخبراء في غولدمان ساكس لم يعرفوا الفرق بين أوبك+ والمجموعة التي أجرت تخفيضات طوعية، وهو أمر مزعج، لأن الخفض الطوعي لا علاقة له بالتحالف، وحتى إذا اجتمع أوبك+ رسميًا لا يمكنه الحديث في هذا المجال، لأن هذه الدول اتخذت القرار بحريتها.
المشكلة الثانية، وفق الدكتور أنس الحجي، هي أن البنك يقول إن زيادة أوبك+ للإنتاج ستؤدي إلى تخفيض أسعار النفط وزيادة المعروض، ولكن الإشكالية هنا أن الزيادة تدريجية، وستعود الـ2.2 مليون برميل على مدار عام، من بداية أكتوبر/تشرين الأول 2024 حتى سبتمبر/أيلول 2025.
توقعات غولدمان ساكس المغلوطة
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك زيادات تدريجية في إنتاج النفط، ومن ضمن هذه الزيادات أن هناك دولًا تجاوزت حصصها الإنتاجية في الماضي، منذ بداية عام 2024، وهي روسيا والعراق وقازاخستان.
وأضاف: “هذه الدول وعدت بأنها ستعوّض عن هذه الزيادات، فإذا زادت أوبك الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول فسيكون هناك حسم من هذه الكميات، التي هي تعويض من هذه الدول عن الزيادات السابقة، ومن ثم فإن ما ستزيده أوبك سيكون بسيطًا جدًا، ولا يخفّض أسعار النفط بهذه الصورة”.
ولكن، بحسب الدكتور أنس الحجي، هناك مشكلة أكبر، وهي أن تقرير غولدمان ساكس زعم دون وجود أي دليل، ولو حتى صغيرًا، أن هناك محاولة من جانب تحالف أوبك+ لمعاقبة دول خارج أوبك على زيادة الإنتاج، عن طريق إعادة هذه التخفيضات بداية من أول أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وتابع: “هذا كلام عجيب، لأنه لا أحد تحدث عن الموضوع، ولا يوجد أي دليل على هذا الكلام، والمضحك في الأمر أن الكمية قليلة جدًا، لدرجة أنها لا تمثّل أي عقوبة، ولكنهم عدّوها عقوبة، وهذا كلام غير منطقي على الإطلاق”.
وأردف: “إذا كان خبراء غولدمان ساكس يفهمون موضوع العقوبات تاريخيًا في أسواق النفط، ودرسوا تاريخ النفط، لعرفوا أن هناك عقوبات حدثت سابقًا، عندما وقع الخلاف مع روسيا في مارس/آذار 2020، وقررت موسكو الإنتاج بكامل طاقتها الإنتاجية، بعدها ردت السعودية بالإنتاج بكامل طاقتها، فانخفضت أسعار النفط بأكثر من 30 دولارًا”.
ولفت إلى أن غولدمان ساكس يتحدث عن انخفاض بقيمة 4 دولارات في أسعار النفط، متسائلًا: هل هناك عقاب بقيمة 4 دولارات؟ ليوضح أنه “بالعودة إلى عام 2015، كان التخفيض 60 دولارًا، اليوم يرون أن 4 دولارات عقوبة، لذلك فالأمر مزعج، وهناك كثير من التفاهات بهذا التقرير”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply