سجلت أسعار النفط ارتفاعًا متواصلًا منذ بداية شهر أبريل/نيسان 2024، مدفوعة بتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، مع زيادة مخاطر تعطل الإمدادات النفطية.
واقترب خام برنت من 91 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ إذ ارتفعت الأسعار إلى 90.65 دولارًا في 4 أبريل/نيسان 2024.
وسرعان ما شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا جديدًا، مع شن إيران هجومًا بطائرات دون طيار على إسرائيل، مساء يوم السبت (13 أبريل/نيسان 2024)، ردًا على هجوم سابق شنته إسرائيل على القنصلية الإيرانية في سوريا مطلع الشهر الجاري.
وفي هذا السياق، استطلعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) توقعات نخبة من كبار الخبراء حول تداعيات الهجوم الإيراني الأخير على أسعار النفط.
ارتفاع متوقع لأسعار النفط
أشار المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، إلى أن علاوة المخاطر موجودة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، فضلًا عن الضربات الأوكرانية على مصافي النفط في روسيا، وكلها عوامل أثرت في أسعار النفط.
وأكد الريامي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أنه مع وجود المزيد من التوترات السياسية والجيوسياسية في المنطقة، سيؤدي ذلك إلى عدم استقرار أسعار الخام، مع توقعات بارتفاعها مع افتتاح الأسواق يوم الإثنين.
وقال الريامي، إنه لا يستبعد أن ترتفع الأسعار في حدود 4-5 دولارات خلال الـ3 أيام المقبلة، استنادًا إلى رد فعل إسرائيل على الهجوم الإيراني، ما قد يرفع الأسعار إلى 100 دولار أو أكثر، إذا تطور الأمر إلى حرب إقليمية بين الجانبين.
ومن جانبه، شدد كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري، على أن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران أثرت بشكل كبير في أسواق الطاقة العالمية.
وأضاف أن تصاعد الصراع يثير مخاوف بشأن المزيد من الزيادات في الأسعار، خاصةً إذا استمرت إيران في أعمالها العدوانية؛ وقد يؤدي انقطاع شحنات النفط والغاز عبر نقاط المرور الحيوية مثل مضيق هرمز إلى تفاقم تقلبات الأسعار.
وقال شوكري -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- إنه يُنظر إلى مشاركة إيران في الصراع على أنها المحرك الرئيس للتأثيرات الأوسع في أسواق الطاقة.
وتابع: “يتوقع المحللون -أيضًا- أن الأسواق المالية الأوسع تستعد لاحتمال نشوب صراع مكثف بين إسرائيل وإيران، ما قد يزيد من الضغط التصاعدي على أسعار النفط”.
وأضاف: “لذلك، من المحتمل جدًا أن تستمر أسعار النفط في الارتفاع إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر، إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران”.
تأثير محدود.. ولكن!
يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن تأثير الهجوم الإيراني الأخير في أسعار النفط يُعد محدودًا، وقصير المدة إن وجد.
وشدد الحجي على أن أغلب الارتفاع في أسعار النفط في الأسبوع الماضي يعود إلى توقع هذه الهجمات؛ ما يعني أن التأثير محسوب في الأسعار مسبقًا.
وقال الحجي: “لذلك، من المحتمل أن تنخفض أسعار النفط خلال هذا الأسبوع، ما لم تكن هناك تطورات أخرى”.
وأوضحت رئيسة شركة “إس في بي إنرجي إنترناشيونال”، الدكتورة سارة فاخشوري، أن السوق ستحافظ على توازنها إذا توقفت الهجمات الانتقامية الأخيرة بين إيران وإسرائيل عند مستواها الحالي، أو امتنعت عن التصعيد في المنطقة، دون التسبب في أضرار لمنشآت إنتاج وتصدير النفط.
وقالت فاخشوري -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- إن أساسيات السوق تبدو مستقرة في الوقت الحالي، مع مراقبة تحالف أوبك+ عن كثب للطلب المتزايد المتوقع لموسم الصيف.
ومن جانبه، صرّح محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة، نادر إیتیّم، بأنه من المؤكد تقريبًا أن تشهد أسعار النفط شيئًا من الارتفاع عند افتتاح الأسواق يوم الإثنين، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدم اليقين بشأن ما سيأتي بعد ذلك في هذا الصراع المتنامي بين إسرائيل وإيران.
ولكنه أوضح أنه في نهاية المطاف، كما كان الحال حتى الآن مع التوترات في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، طالما ظلت منشآت النفط وطرق التصدير سالمة إلى حد كبير، فإن الأساسيات ستظل في توازن، وبالتالي، لا ينبغي لنا أن نرى الكثير من التأثير في السعر.
وقال إيتيّم -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة-: “لن يكون الارتفاع إلى 100 دولار للبرميل واردًا، إلا في حالة حدوث تصعيد واضح واتساع الصراع في المنطقة، ما يعرض تدفقات النفط للخطر”.
وتابع أن العلامات المباشرة تشير إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل سترد بشكل شبه مؤكد، فإن التوجيه من حلفائها يُمكن أن يؤدي إلى تخفيف هذا الرد، إلى الحد الذي قد ينقذ المنطقة من اندلاع صراع كبير آخر.
كما قال: “إذا لم نتمكن من تحقيق ذلك، فإن أسعار النفط يجب أن تظل حول مستوياتها الحالية، في أواخر الـ80 دولارًا إلى أوائل الـ90 دولارًا”.
كما أشار الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، إلى أن علاوة المخاطر الجيوسياسية ترتفع حاليًا إلى أقصى مستوياتها.
وأوضح أنه حتى الآن، لم تظهر التهديدات الشاملة لإمدادات النفط والغاز بعد، ولكن بالنظر إلى الصورة وردود الفعل المحتملة لإسرائيل في وقت قريب جدًا، قد تكون إيران قد ضربت زر التدمير الأحمر.
وقال -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة ومقرها واشنطن- إنه من المتوقع حدوث تهديدات للشحن عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر وهجمات إقليمية محتملة.
وتابع: “لن ترتفع أسعار النفط حاليًا، إذ يبدو أن هناك هجومًا تكتيكيًا من جانب إيران، وليس سيناريو حرب حقيقية كاملة؛ والآن يتعين على الأسواق أن تتطلع إلى رد فعل إسرائيل”.
ولكنه شدد على أن المواجهة واسعة النطاق ستؤدي إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر؛ ويتراوح السعر المحتمل الإضافي بين 15 و20 دولارًا للبرميل، مع الأخذ في الحسبان أن التحرك في مضيق هرمز قد يدفعها للارتفاع أكثر.
ارتفاع مؤقت
أشار الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة شعيب بوطمين، إلى أنه رغم عدم تأثر الإمدادات في مضيق هرمز بعد، لكن المخاوف هي التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع، نظرًا لحساسية المنطقة حيث يؤمن المضيق نحو 20% من الإمدادات العالمية للنفط.
وأوضح أن المشكلة المطروحة أن الصراع ما يزال يحتدم في الأراضي الفلسطينية وعواقبه على محيطه خاصةً بمضيق باب المندب، يُضاف إليه تزايد الصراع مع إيران حيث أن المنطقة لا تتحمل هذا الضغط.
ويرى بوطمين أن سعر النفط عند 100 دولار مرتبط مباشرة برد فعل إسرائيل ومدى الدعم الدي توجهه الدول الغربية لها، وأعتقد أن الإدارة الأميركية لها من التأثير في هذه القرارات.
وقال: “من وجهة نظري لا أرى هناك إرادة أميركية لرفع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار، وهذا لا يخدم العالم ولا الدول المستهلكة عمومًا، لأن روسيا تستفيد من ارتفاع الأسعار كذلك وهو ما تريده أوروبا خاصة”.
وتابع: “لا أرى إلحاح بوصول الأسعار إلى 100 دولار وأراه الآن في ذروته وقد يعود بالانخفاض دون الـ90 دولارًا، إن كانت هناك تهدئة بين حماس وإسرائيل وحتى إيران”.
ومن جانبه، توقع محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو، أن أسعار النفط قد ترتفع عند افتتاح الأسواق، حيث أن هذه هي المرة الأولى التي تضرب فيها إيران إسرائيل من أراضيها.
وشدد -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- على أن المدة التي سيستمر فيها أي ارتفاع للأسعار ستعتمد أيضًا على الرد الإسرائيلي.
وأضاف: “يجب مراقبة الاجتماع الافتراضي لمجموعة السبع، مع التركيز على ما إذا كانوا يستهدفون صادرات النفط الخام الإيرانية أم لا”.
ومن جانبها، ترى مؤسّسة مركز “فاندا إنسايتس”، المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن الهجوم الإيراني من الممكن أن يضخ في البداية علاوة أخرى تتراوح بين 3 إلى 4 دولارات للبرميل من النفط الخام، ولكن بعد ذلك ستبدأ “لعبة الانتظار” مرة أخرى لمعرفة التداعيات.
وعلى الرغم من ضرورة وضع المخاوف من التصعيد المستمر في الحسبان، إلا أن الرهان أصبح الآن أعلى بكثير بالنسبة للولايات المتحدة لتهدئة التوترات، بحسب تصريحات فاندانا إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت: “سعر النفط الخام عند 100 دولار ما يزال ليس خياري الأساسي، ولكن حتى سعر النفط الخام عند 90 دولارًا يفرض ضغوطًا على أوبك+ لتخفيف الإمدادات”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply