تأثّر نفط جنوب السودان بالحرب الأهلية الدائرة في السودان المجاور منذ ما يزيد عن عام، وتراجع الإنتاج ومعدل الصادرات لمستويات منخفضة، ما شكّل تهديدًا لدولة تعتمد على الاقتصاد النفطي لجلب العائدات.
ويعتمد جنوب السودان غير الساحلي على محطات تصدير سودانية، لكن خطوط الأنابيب الناقلة للتدفقات تضررت وتعرضت للتخريب ضمن تداعيات الصراع بين القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع.
وفي خضم ذلك، ظهرت صفقة الإمارات في صورة المنقذ للاقتصاد المتهاوي، لكن تغييرات حكومية وشكوكًا أخرى عطلت تنفيذ الصفقة وأكسبتها المزيد من الغموض حتى الآن.
ويشكّل انخفاض الإنتاج والصادرات النفطية ضغطًا على جوبا، خاصة أن مستوى الإنتاج الحالي يقارب “سُدس” ذروة إنتاج عام 2011، ما يكوّن ضغطًا على بلد لديه ثالث أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، وفق قاعدة بيانات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
صفقة الإمارات لشراء نفط جنوب السودان
تسود حالة من الغموض حول تفاصيل صفقة الإمارات لشراء نفط جنوب السودان، وذلك منذ توقيعها في ديسمبر/كانون الأول من عام 2023، بين وزير مالية البلد الأفريقي المقال من منصبه “باك برنابا شول” وهيئة إماراتية.
وطبقًا للمعلومات التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، فإن الصفقة أُبرمت مع إدارة مشروعات حمدان بن خليفة (HBK) التي تتخذ من دبي مقرًا لها، بقيمة تتراوح بين 12 إلى 13 مليار دولار في صورة قرض يُمنح نقدًا للدولة الأفريقية مقابل السداد بالنفط.
وتقارب هذه القيمة ضعف الناتج المحلي الإجمالي لجنوب السودان، واتُفق حينها على السداد ضمن 3 دفعات مقابل شحنات نفط جنوب السودان بسعر ينخفض عن بعض التقديرات بنحو 10 دولارات للبرميل الواحد، ما دفع محللين للتأكيد بأنها إحدى أكبر الصفقات من نوعها.
وقُدِّر سعر خام “دار” بانخفاض 3.65 دولارًا للبرميل مقارنة بسعر خام برنت في 13 مايو/أيار الجاري، حسب تقديرات مؤسسة “بلاتس”.
وبرّر وزير المالية المقال “شول” موافقته على الصفقة، بأن عائداتها القوية ستسهم في استثمارات البنية التحتية وتنويع اقتصاد جنوب السودان.
ورغم أن التفاصيل “المحدودة” حول الصفقة أشارت إلى أن السداد سيجري عبر (حساب في أحد البنوك الإماراتية)، فإنه لم يُعلَن حتى الآن سداد قيمة الدفعة الأولى المقدّرة بـ5 مليارات دولار.
وأثارت الصفقة الجدل، نظرًا لطول مدّتها التي قد تصل إلى 20 عامًا، وسط تساؤلات حول كيفية التصدير في ظل توقّف خط الأنابيب المتصل بالمواني السودانية، بالإضافة إلى تراجع الإنتاج، وفق ما نشره موقع بي إن إن بلومبرغ (BNN Bloomberg) في وقت سابق.
الإنتاج والصادرات
بلغ إنتاج نفط جنوب السودان 60 ألف برميل يوميًا في أبريل/نيسان 2024، بانخفاض من 70 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار الماضي، ومن 150 ألف برميل يوميًا حتى فبراير/شباط، طبقًا لبيانات إس أند بي غلوبال (S&P Global).
ويعدّ إنتاج الشهرين الماضيين بعيدًا للغاية عن مستويات إنتاج ما بعد الانفصال عن السودان قبل 13 عامًا، البالغة 350 ألف برميل يوميًا.
وعلى صعيد الصادرات، تضرّر خط الأنابيب المعني بنقل نفط جنوب السودان إلى محطة تصدير في الخرطوم، وتسببت الأضرار في توقّف الخط لأشهر، وبالتبعية توقفت شحنات التصدير.
واضطر جنوب السودان لإعلان حالة القوة القاهرة على الصادرات من ميناء بورتوسودان، رغم اعتماد حكومة جوبا على العائدات النفطية بنسبة 90% لدعم الاقتصاد وتوفير السيولة الأجنبية.
وسجل الطلب على خامات جنوب السودان الثقيلة الحامضة انخفاضًا مع عزوف شركات الشحن عن تحميل الشحنات من الميناء، في حين أرجع بعضهم تعطُّل الخط لنقص الديزل الضروري لعملية تدفّق الإمدادات بصورة سلسة.
توقيت حرج
يسعى جنوب السودان لإصلاح أضرار الخط والتغلب على تحديات استئناف التصدير، وسبق أن قال مسؤولون، إن الخط قد يعود للعمل في غضون شهرين “ما لم تحدث مفاجآت”.
ولم تُفصح أطراف صفقة الإمارات لشراء نفط جنوب السودان عن كيفية التعامل مع أضرار الخط المغلق حتى الآن، لكن الصفقة تتزامن مع أزمة اقتصادية طاحنة يتعرض لها جنوب السودان إثر تداعيات الحرب الأهلية وتراجع عائدات تصدير النفط.
ويستعد البلد الأفريقي إلى عقد انتخابات خلال العام الجاري، في خضم الأزمة الاقتصادية التي سبّبت انكماشًا للاقتصاد العام الماضي بنسبة 0.4%.
وأحكمت قوات الدعم السريع (التي يطلق عليها السودانيون ميليشيا الدعم) قبضتها على بلدات سودانية خلال العام الماضي، وتضم هذه البلدات محطات تصدير من خط أنابيب جنوب السودان.
وتتزامن الصفقة أيضًا مع تخارج شركة بتروناس (Petronas) الماليزية من جنوب السودان، وبيع أصول التنقيب الخاصة بها -مقابل 1.2 مليار دولار- لشركة سافانا إنرجي (Savana Energy) البريطانية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply