أثار مرور ناقلة نفط أذربيجانية بممر الملاحة الشمالي القلق، خاصة أن هذا المسار كان مقتصرًا -حتى وقت قريب- على ناقلات الخام الروسية إلى الصين فقط.
ويشير انضمام أذربيجان إلى هذا المسار، للمرة الأولى، إلى بدء سحب البساط تدريجيًا من تحت أقدام قناة السويس، خاصة عقب توترات البحر الأحمر، وبدء ظهور مسارات شحن أطول، مثل طريق رأس الرجاء الصالح وممر الملاحة الشمالي.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لمسارات مرور الناقلات، فإن طريق الملاحة الشمالي (أو طريق البحر الشمالي) شهد مطلع شهر أغسطس/آب الجاري مرور ناقلة من طراز أفراماكس محمّلة بخامات موسكو إلى الصين، للمرة الأولى خلال العام.
ويبدو أن موسكو تفضّل هذا المسار كونه إحدى وسائلها للتغلب على العقوبات الأميركية والغربية بوصفه أقصر مسافة، لكن اللافت للنظر كان انضمام أذربيجان له لتوصيل شحنات نفطها إلى بكين.
ناقلة نفط “بريزما”
تخوض ناقلة نفط أذربيجانية (يطلق عليها بريزما Prisma) أولى رحلاتها للصين عبر ممر الملاحة الشمالي، رغم الصعوبات المتوقعة.
ويُقدَّر عمر الناقلة حاليًا بنحو 19 عامًا، إذ يعود تاريخ بنائها إلى عام 2005، ورغم أنها تقترب من عمر الناقلات القديمة (المقدَّر بنحو 25 عامًا)، فإنها تمكنت من المرور في طريق البحر الشمالي، بدعم من كاسحة جليد.
وتحتاج الناقلات والسفن المارة بالطريق الملاحي الجديد إلى كاسحات جليدية لتسهيل العبور، خاصة في الأجزاء الروسية منه الواقعة على ساحل القطب الشمالي.
وتتمتع الناقلة الأذربيجانية بهذه الإمكانات، إذ تُصنَّف ضمن الفئة أيس سي 1 (ICE C1) القادرة على التعامل مع الظروف الجليدية المعقولة، والرسو في مناطق شديدة البرودة.
وتنقل ناقلة نفط “بريزما” شحنات النفط الخام من ميناء بريمورسك الروسي المطلّ على بحر البلطيق، وكشفت بيانات شحن أن الناقلة تمرّ حاليًا ببحر “كارا” شمال سيبيريا.
وتدير الناقلة شركة فيستا (Vista) الأذربيجانية الخاصة لإدارة الشحن، وحصلت على موافقة من شركة روساتوم للطاقة النووية الروسية (Rosatom) المعنيّة بمنح تصاريح ممر الملاحة الشمالي.
طريق الملاحة الجديد
يعدّ طريق ممر الملاحة الشمالي منافسًا لقناة السويس المصرية، وتعكف روسيا على جذب المزيد من الناقلات إليه.
ويمتد الممر من مدينة مورمانسك قرب الحدود المشتركة لروسيا والنرويج، إلى مضيق “بيرينغ” قرب ألاسكا، ويعدّ هذا المسار أقصر من القناة المصرية للربط بين مواني موسكو والأسواق الآسيوية.
ورغم ميزة قصر المسافة، فإن الناقلات الراغبة بالمرور به تواجه صعوبات، وتحتاج إلى دعم من كاسحات الجليد، وهو ما حدث مع ناقلة نفط أذربيجان خلال رحلتها الأولى.
ولذلك، تفضّل الناقلات الإبحار به خلال الأشهر من (يوليو/تموز، حتى أكتوبر/تشرين الأول)، مع تراجع الطبقة الجليدية قليلًا.
وحتى وقت قريب، كانت ناقلات النفط الروسية التابعة لشركة الشحن “سوفكومفلوت” تسيطر وحدها على ممر الملاحة البديل لقناة السويس، خلال نقل شحنات الخام إلى الصين.
وأبحرت 6 ناقلات روسية تابعة لشركة “سوفكومفلوت”، خلال العام الجاري، من ممر الملاحة الشمالي الجديد، محمّلة بنحو 600 ألف طن متري من النفط الروسي إلى مواني الصين.
تكلفة الشحن
يبدو أن ميزة قصر المسافة لا تعدّ كافية لتحويل مسار المجرى الملاحي الذي تطمح به روسيا، ورغم التوقعات بجذبه المزيد من الناقلات خلال العام الجاري، فإن تكلفة الشحن خلاله تفوق قناة السويس المصرية.
وتباينت آراء التجّار في هذا الشأن، ورغم الإفصاح عن أول رحلة لناقلة نفط “بريزما” الأذربيجانية، فإن توقعات توسعة نطاق حركة الملاحة في الممر تبدو محل شكّ.
وبالمخالفة للاتجاه الأذربيجاني، فضّل تاجر اتّباع طريق ملاحي أطول، حتى لو وصل الأمر إلى تحمُّل تكلفة شحن إضافية، بدلًا من الاضطرار للتعرّض إلى مدفوعات كاسحات الجليد والموافقات الخاصة بها، وفق ما نقلته عنه رويترز.
وتسعى روسيا لتوفير ممر بديل لشحناتها، بالتوازي مع تشكيل أسطول من ناقلات الظل، محاولةً للإفلات من العقوبات الغربية والأميركية.
وعبر ممر الملاحة الشمالي، نقلت سفينة من طراز “أفراماكس” شحنات من النفط الروسي (732 ألف برميل من خام الأورال) إلى الصين مؤخرًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply