بعد انتهاء اجتماعات أوبك+، التي اتُّخذت فيها قرارات خاصة بتمديد خفض الإنتاج، تراجعت أسعار النفط العالمية، بصورة أثارت مخاوف بعض المتعاملين في أسواق الطاقة، على الرغم من أن هذا التراجع كان مبررًا.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الوضع الحالي في الأسواق يشير إلى أن هناك ضعفًا في نمو الطلب على النفط، بالإضافة إلى وجود زيادة ملحوظة في المخزونات النفطية الهندية.
وتناول الحجي أسباب هذا التراجع، في حلقة جديدة من برنامجه “أنسيّات الطاقة“، قدّمها في 4 يونيو/حزيران الجاري، على مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا) بعنوان: “أسواق النفط وقرارات أوبك+.. لماذا تراجعت أسعار النفط؟”.
وفسّر الحجي ارتباط أسعار النفط بزيادة المخزونات النفطية الهندية، بالقول إن هناك مبالغات كبيرة بشأن الهند تتعلّق بالانتخابات، التي يخوضها رئيس الوزراء الحالي هناك وجماعته، الذين يملكون جيشًا إلكترونيًا ضخمًا، ولديهم صحفيون تابعون لهم، لذلك كان الكذب والتزوير واضحيْن تمامًا خلال الأشهر الماضية.
النفط في الهند والطلب الغربي
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن الكذب خلال الأشهر الماضية كان واضحًا بشأن الهند، لا سيما فيما يتعلق بالنفط الروسي، إذ كانت هناك محاولات لتعظيم الوضع الاقتصادي في الهند.
وأضاف: “ولكننا لدينا البيانات الحقيقية، سواء بيانات الشحن أو الواردات والصادرات، كما لدينا بيانات المخزون التي تُؤخذ من الأقمار الصناعية ومن مصادر أخرى، ليست فقط من الهند، لذلك فنحن نعرف الحقيقة التي تؤثر في أسعار النفط”.
وتابع: “الأمر كالآتي: لو نظرنا خلال الأسابيع الماضية، نجد أن واردات الهند تقريبًا لم تتغيّر، وكذلك صادراتها، ولكنّ هناك ارتفاعًا ملحوظًا في المخزونات، وهذا يترك احتمالًا واحدًا، وهو انخفاض الاستهلاك داخل البلاد”.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن ما يؤكد هذا الكلام هو انهيار سوق الأسهم، بعدما اكتشف الناس حقيقة الأمر، أن نجاح مودي كان بسيطًا، وكان المفروض أن ينجح بأغلبية كبيرة، ولكن هذا لم يحدث، ما يعني وجود مشكلات كبيرة في الهند، وأن هناك أحزابًا أخرى ستسبّب مشكلات لرئيس الوزراء.
وأوضح أن الأمر الآخر المتعلق بالموضوع، أنه بالنظر إلى أوروبا أو الولايات المتحدة يتضح أن الطلب على النفط ما زال ضعيفًا، إذ هناك نمو في الطلب، ولكن هذا النمو ضعيف، وهو ما يؤثر في أسعار النفط.
وأردف: “أوبك ما زالت تقول إن الطلب على النفط سينمو بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا، وأكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان مرات عدة أن توقعات أوبك مثلها مثل أي توقعات أخرى، فهم ينظرون إليها وإلى التوقعات الأخرى، وبعدها يقررون”.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن وكالة الطاقة الدولية بدورها ترى أن النمو في الطلب على النفط سيكون نصف ما تتوقعه أوبك، أي 1.1 مليون برميل يوميًا، مضيفًا: “توقعاتنا في الشركة أنها ستكون 1.48 مليون برميل يوميًا، لما نراه من الوضع الصعب في بعض البلاد، بما فيها الصين والهند”.
وأكد أن هذه الأمور يمكن أن تتغيّر بسرعة، فمن الممكن أن تتغيّر هذه التوقعات بالكامل بعد شهر من الآن، في حال وجود أدلة على تغير النمو الاقتصادي، سواء بالصعود أو الهبوط.
الانتخابات الأميركية والمخزون الإستراتيجي
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن “الوضع في أوروبا ما زال صعبًا، ولكنه أصعب في أميركا، إذ يواجه بايدن مشكلات كثيرة حاليًا، من بينها الوضع الاقتصادي الذي يتدهور”.
وأضاف: “الوضع الأميركي صعب، نعم حُكِم على الرئيس السابق دونالد ترمب من قبل المحكمة، وأُدين في الاتهامات الموجهة إليه، ولكن هذا لا يعني شيئًا حتى الآن، لأنه بإمكانه الاستئناف، وأهم شيء بالنسبة إلى بايدن تحديدًا ألا يتم الحكم النهائي على ترمب قبل الانتخابات”.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى صعوبة التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، إذ سيؤدي سوء الوضع الاقتصادي دورًا كبيرًا فيها، موضحًا أن هناك أمرًا آخر يخص قرارات أوبك+، وهو أن إدارة بايدن كانت تملأ المخزون الإستراتيجي بمعدل 3 ملايين برميل شهريًا.
وتابع: “طلبت الإدارة عروضًا من الشركات، لتقديم أسعار النفط المخفضة لملء المخزون الإستراتيجي في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبليْن قبل الانتخابات مباشرة، لكن لاحقًا عندما علمت أن إيران ستهاجم إسرائيل، قررت وقف هذه العطاءات”.
ومن ثم، وفق الحجي، هناك نافذة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسحب من المخزون الإستراتيجي في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، وبالطبع تمديد التخفيض سينتهي في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، فهنا ما زالت أوبك تخفض.
وتوقع الدكتور أنس الحجي أن يسحب بايدن من المخزون الإستراتيجي بين 30 و60 مليون برميل، وقد يؤثر هذا في قرار أوبك بعدم اللجوء إلى زيادة الإنتاج، لافتًا إلى أن الأمر المرتبط بهذا الموضوع أن إدارة بايدن ستشتري، وقررت من الآن الشراء لملء المخزون.
لكن، وفق الحجي، هناك إشكالية أخرى، وهي أن الخبراء يتوقعون موسمًا نشطًا للأعاصير الضخمة في خليج المكسيك، وأغلبه يكون صيفًا، ما يعني توقف إنتاج النفط هناك، ومن ثم ستكون أوروبا في خطر وستحتاج إلى الغاز الروسي، كما ستؤثر الأعاصير في قرار الشركات بالسحب أو مطالبة إدارة بايدن بالسحب من المخزون الإستراتيجي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply