قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أسعار النفط ارتفعت بسبب الحرب في غزة، على الرغم من أن طرفي الحرب كليهما غير منتج للنفط.
وأوضح الحجي، في حلقة من برنامج أنسيات الطاقة، قدّمها بمنصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان “أثر عملية طوفان الأقصى وردة فعل إسرائيل عليها في أسواق الطاقة العالمية”، أن المتوقع من يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول، عند فتح الأسواق في آسيا صباح الإثنين، سترتفع الأسعار قليلًا.
وأضاف: “عمومًا، لا يوجد أيّ أثر حقيقي في أسواق النفط أو الطاقة لما يحدث في غزة، لأنها تنتج النفط، وإسرائيل لا تنتج النفط، كما أن استهلاكهما للنفط قليل جدًا، ومن ثم كان المتوقع أن يسمع بعض التجّار في الصين أو طوكيو أو هونغ كونغ الأخبار، ويكون هناك تخوّف من نقص الإمدادات”.
وتابع: “أحد الأسباب الأساسية لهذا التخوف، أن بعض وسائل الإعلام تختزل الشرق الأوسط كله بما يحدث في غزة، ومن ثم يتكلمون عن الحرب في الشرق الأوسط، وفي ذهن الإنسان الغربي أن الشرق الأوسط دائمًا مرتبط بموضوع النفط، فيفكر في الأثر السلبي بالإمدادات، ومن ثم يجب أن ترتفع أسعار النفط”.
لماذا ترتفع أسعار النفط؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن التجّار الآسيويين يسارعون عند التخوف من نقص الإمدادات إلى شراء العقود، في محاولة لانتهاز الفرصة قبل تراجع الإمدادات، أو لتحقيق بعض الأرباح.
وأردف: “لكن قيام الإعلام الأجنبي باختزال الشرق الأوسط كله فيما يحصل في غزة الآن، يعدّ إحدى المشكلات التي نعاني منها منذ ما يزيد عن 40 عامًا، فكان المتوقع أن يحدث ارتفاع قليل بأسعار النفط، ثم ينتهي الأمر”.
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، خرجت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بشكل مفاجئ يوم الأحد 8 أكتوبر/تشرين الأول، بتقرير يتحدث عن اجتماع بين الإيرانيين وحزب الله في لبنان، وعلى إثر هذه الأخبار ارتفعت أسعار النفط بنحو 5%، أي ما يزيد عن 4 دولارات.
وأضاف: “رغم أن الخبر لا يليق بالصحيفة، ولا بأيّ مستوى إعلامي -لأنه كان نقلًا عن مصدر لبناني لا يعرف أحد هل هو مسؤول أم غير مسؤول- فمن المعروف أن علاقة إيران بالحكومة في غزة معروفة منذ زمن طويل، ومن ثم المفروض كون الأثر خفيفًا في كل الحالات”.
وتساءل الحجي: “هل من المعقول أنّ مسؤولين لبنانيين يعرفون كل هذه الأسرار والاجتماعات التي تكررت مرات عديدة، بينما إسرائيل لا تعرف؟” موضحًا أن الخبر أساسه كان غير منطقي، ولكن أسعار النفط انخفضت بعدها، مما يشير إلى أن الناس لم تصدّق الخبر، أو أن مَن نَشرَه يهدف إلى التأثير في السوق بشكل معين.
هل تتجدد العقوبات ضد إيران؟
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه مع انتشار خبر “وول ستريت جورنال” لم يكن خوف التجّار في آسيا وأوروبا مما يحدث في غزة، ولا من عملية ضرب إسرائيل لإيران، فهم اعتمدوا على ما يسمى “تأثير الدومينو”.
وعن معنى هذا التأثير، قال الحجي، إن الطريقة التي وضعوا السيناريو بها، أن إسرائيل يمكنها الآن أن توجّه ضربة إلى إيران بكل بساطة، بسبب خبر وول ستريت جورنال، وهذا لن يؤثّر في أسواق النفط، ولكن ردّ الفعل من جانب إيران والتابعين لها سيكون مؤثرًا في أسواق النفط.
وأضاف: “ذهب بعضهم إلى تكرار ما حصل في 2019 مع أرامكو، وأصبح هناك تنافس حادّ بين بعض المضاربين على أن أسعار النفط ستصل إلى 120 دولارًا قريبًا، فاشتروا عقودًا تسمّى (عقود الخيار) في أسواق النفط، ما أسهم بتغيير السرد في السوق، وأدى إلى رفع الأسعار”.
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن كل الارتفاع الذي حدث في أسعار النفط، بحدود 3 إلى 4 دولارات، لا علاقة له بأساسيات السوق، وإنما كان ارتفاعًا مرتبطًا بالأوضاع السياسية، والتخوف من الانخفاض المستقبلي للإمدادات، بناءً على رواية وهمية، مبنية على خبر مشكوك فيه نشرته الصحيفة الأميركية.
وتابع: “بعد فكرة توجيه ضربة إسرائيلية والردّ الإيراني، بدأت موجة الكلام -حتى في وسائل التواصل الاجتماعي- عن إغلاق مضيق هرمز، وهو كلام نُقد بالكامل على مدى 30 عامًا عشرات المرات، في كتب ومقالات ومقابلات”.
ولفت إلى أنه رغم ذلك ما زال الحديث يتكرر عن أن إيران ستغلق مضيق هرمز، مما يؤدي إلى نقص إمدادات النفط في العالم، ومن ثم ترتفع أسعار النفط إلى 120 دولارًا أو أكثر.
وهذه الرواية -طبعًا- توافقت مع بعض الروايات السياسية بشأن ضرورة ردّ أميركا وأوروبا على إيران، خوفًا من أن يدمّر هذا الوضع اقتصاداتهم، أي إن الموضوع يُضَخَّم لتحويل الصراع من مكان محدود إلى صراع عالمي.
إغلاق مضيق هرمز صعب
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إيران لا تستطيع إغلاق مضيق هرمز، إذ ليس من صالحها على الإطلاق إغلاقه، لأن نحو 3 أرباع الطعام الذي تستورده يأتي من خلالها، فإذا أغلقته سيموت الناس جوعًا.
وأضاف: “كما أن أغلب مياه المضيق في سلطنة عمان وليست في إيران، ومن ثم فإذا أغلقت البحرية الإيرانية المضيق في المياه العمانية، فإن هذا سيعدّ احتلالًا ستكون له تبعات، وهناك اتفاقية أمنية بين دول الخليج تمنع هذا، أي إن إيران حال إغلاق المضيق ستتعدّى على المياه العمانية، والسلطنة لن تسمح بذلك”.
بالإضافة إلى ذلك، وفق الدكتور أنس الحجي، هناك دول أخرى تحمي المضيق، بما فيها الهند والصين والولايات المتحدة، وأيضًا الأوروبيون ودول الخليج، لذلك فإن سيناريو الإغلاق صعب جدًا، ولا يمكن أن يحدث، ولم يحدث تاريخيًا.
وتابع: “ما يمكن أن يحدث هو أنه إذا وجّهت إسرائيل ضربة لإيران، هناك احتمال كبير ألّا تقوم الحكومة الإيرانية بأيّ ردّ، والخوف من قيام بعض الفئات المناصرة لها -سواء من جنوب السعودية أو الشمال- بعمليات ما، مثلما حدث عند ضرب ناقلات النفط في الفجيرة مثلًا، أو وضع ألغام بحرية، كما حدث سابقًا”.
ولفت إلى أن مثل هذه التصرفات يمكنها أن تؤثّر بحركة الملاحة في الخليج، ولكن لا يمكن إغلاق مضيق هرمز إذا تأثّرت الملاحة في الخليج، إذ سترتفع أسعار التأمين، مما يؤثّر بدوره في تكاليف النفط عالميًا، ومن ثم تتأثر أسعار النفط.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply