يقترب قطاع النفط والغاز في ليبيا من توقيع أول صفقة، بعد أزمة إيقاف وزير النفط محمد عون، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (ومقرّها واشنطن).
ومن المقرر أن تمضي ليبيا قدمًا في مشروع للنفط والغاز بقيمة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار، اقترحته شركة إيني (Eni)، بعد أشهر من تعليق المشروع بسبب معارضة واسعة النطاق.
وفي شهر مارس/آذار الماضي، مهّد المجلس الأعلى لشؤون لطاقة في البلاد الطريق لمنح الامتياز “إن سي-07” إلى تحالف يضم 4 شركات، بعد أن وجدت مراجعة فنية أن المؤسسات الليبية تفتقر إلى الموارد المالية لتطوير المشروع وحدها.
ويضم التحالف شركة إيني الإيطالية، وتوتال إنرجي الفرنسية (TotalEnergies)، وأدنوك الإماراتية (Adnoc)، وشركة الطاقة التركية المملوكة للدولة (Turkish Energy).
تفاصيل الصفقة المرتقبة
تعكس التحركات الحالية التي يشهدها قطاع النفط والغاز في ليبيا زخمًا متزايدًا من قبل القيادة النفطية لدفع المشروعات التي طال انتظارها إلى الأمام.
إذ تسعى إلى تعزيز الطاقة الإنتاجية للنفط من 1.2-1.3 مليون برميل يوميًا إلى مليونَي برميل يوميًا، ومضاعفة إنتاج الغاز إلى نحو 3.5 مليار قدم مكعّبة يوميًا خلال الـ3 إلى 5 سنوات المقبلة.
وتتصور خطط مشروع “إن سي-07” ما لا يقل عن 200 مليون قدم مكعّبة يوميًا من الغاز، وكمية غير محددة من النفط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة “آرغوس ميديا” (Argus Media).
كان وزير النفط الليبي بالإنابة، خليفة رجب عبدالصادق، قد أشار -في 16 أبريل/نيسان 2024- إلى أن المشروع ما يزال مطروحًا.
وقال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، في 19 أبريل/نيسان، إن الاتفاق بشأن الامتياز “إن سي-07” أصبح قريبًا، مضيفًا: “نحن على وشك التوقيع”.
وكان رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط، على وشك منح الامتياز “إن سي-07” للتحالف الذي تقوده إيني في يناير/كانون الثاني، قبل أن تجبر المعارضة الواسعة “الدبيبة” على إصدار أمر بإجراء مراجعة لمعالجة المخاوف.
ومن المقرر أن تبدأ ليبيا -أيضًا- مفاوضات مع شركتي توتال إنرجي وكونوكو فيليبس (ConocoPhillips) في باريس شهر مايو/أيار المقبل، بشأن مطالبتهما بشروط أفضل في شركة الواحة للنفط مقابل الاستثمار في توسيع الطاقة الإنتاجية، حسبما صرّح مصدر بصناعة النفط.
ومن المحتمل أن يكون هذا التحرك -أيضًا- مثيرًا للجدل، إذ يعارض الكثيرون في الصناعة وخارجها تغيير الشروط التعاقدية.
تعزيز إنتاج النفط والغاز في ليبيا
تأتي هذه الدفعة الجديدة الواضحة بقطاع النفط والغاز في ليبيا، بعد أسابيع فقط من إقالة وزير النفط محمد عون، الذي عارض منح التحالف الامتياز “إن سي-07″، كما رفض عون العديد من صفقات النفط والغاز الأخرى التي سعت إليها الحكومة والمؤسسة الوطنية للنفط.
وقال معارضو الصفقة، إن التحالف كان من المقرر أن يحصل على حصة عالية للغاية من الإنتاج، وإن شركة أغوكو المشغلة الحالية والمملوكة للدولة يمكنها تطوير الحقل مقابل جزء صغير من التكلفة.
واقترحت وزارة النفط في عهد عون -أيضًا- طرح مشروع “إن سي-07” في مناقصة عامة، بدلًا من أن يكون موضوعًا للمفاوضات المباشرة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال مؤيدو صفقة “إن سي-07″، إن ليبيا يجب أن تمضي قدمًا بسرعة في المشروعات لضمان تلبية الطلب المحلي وتمكين البلاد من مواصلة تصدير الغاز.
إذ صرّح المجلس الأعلى لشؤون الطاقة بأن ليبيا ستواجه نقصًا حادًا في الغاز بحلول عام 2026 في مسارها الحالي، وستصبح مستوردًا للغاز ما لم تُنفّذ مشروعات التنمية.
ورغم استمرار الانقسامات السياسية في ليبيا، فقد تمتَّع قطاع النفط بمستوى أكبر من الاستقرار على مدى العامين الماضيين، إذ كانت عمليات إيقاف الإنتاج القسرية قليلة ومتباعدة، في حين زاد اهتمام شركات النفط العالمية.
وأحد التحديات الرئيسة التي تواجه قطاع النفط والغاز في ليبيا هو تنفيذ المشروعات؛ فقد وُقِّعَت صفقة تاريخية بقيمة 8 مليارات دولار لشركة إيني لتطوير حقول الغاز البحرية في أوائل عام 2023، لكن من غير الواضح ما إذ كان قد أُحرِزَ تقدّم يُذكر في التنفيذ أم لا.
أزمة وزير النفط الليبي
ستكون صفقة امتياز “إن سي-07” -حال تنفيذها- هي الأولى منذ إعلان هيئة الرقابة الإدارية في ليبيا، برئاسة عبدالله قادربوه، في 26 مارس/آذار الماضي (2024)، وقف الوزير محمد عون عن العمل احتياطًا، على خلفية تحقيق في اتهامات بارتكاب مخالفات.
وفي ردّ نشرته حصريًا منصة الطاقة المتخصصة، أكد عون امتثاله للقانون، مدافعًا في الوقت نفسه عمّا يتعلق بارتكاب المخالفات، قائلًا: “أنا على يقين تمامًا بأنني لم أرتكب أيّ مخالفة قانونية ولله الحمد، بل عملتُ طيلة وجودي على الحفاظ على ثروات ليبيا”.
وأضاف الوزير: “أسعى دائمًا إلى المحافظة على المورد الأساس للّيبيين بمختلف الطرق، وأنا متأكد تمامًا بأن التحقيقات ستنصفني، لأنني علي يقين أنني لم أرتكب أيّ مخالفة”.
ورجّح محللون أن يؤدي إعفاء وزير النفط الليبي محمد عون عن منصبه إلى فتح باب استئناف العمل في مشروعات النفط والغاز في ليبيا، التي كان الوزير يعرقل استمرار عملها دون الاتفاق مع المستثمرين على شروط جديدة.
ورغم القول بأن تنحية وزير النفط الليبي جاءت بسبب مخالفات قانونية ارتكبها، قالت مصادر، إنها كانت “على ما يبدو سياسية”، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة “إس آند بي غلوبال كوميديتيز إنسايتس”، في 10 أبريل/نيسان 2024.
وقال كبير محللي شركة “فريسك مابلكروفت” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش كينيار: “تحمل إقالة عون تأثيرًا مختلطًا في قطاع النفط الليبي والشركات الأجنبية على حدّ سواء.. فهي من ناحية قد تزيل تعليق العمل في مشروعات النفط، كما تحمل ضمانات للشركات الأجنبية العاملة في الدولة”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply