اتجهت شركات التكرير الهندية، التابعة للقطاعيْن العام والخاص، إلى الاعتماد على النفط الفنزويلي، بوصفه بديلًا تنافسيًا للخامات من روسيا والشرق الأوسط، في ظل سعي البلاد المستمر لتنويع وارداتها منه.
وبدأت مصافي التكرير الهندية المملوكة للدولة مفاوضات لزيادة كميات كبيرة من النفط الفنزويلي في الأشهر المقبلة، لتنضم إلى مصافي التكرير الخاصة في البلاد التي اشترت بالفعل شحنات متعددة منذ رفع العقوبات في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المخصصة.
ومهّد هذا الأمر الطريق للمنافسة مع الصين، إذ كانت الهند مشتريًا نشطًا للنفط الفنزويلي حتى فرض العقوبات الأميركية، في حين واصلت شركات التكرير الصينية المستقلة شراء تلك الخامات حتى خلال مدّة العقوبات.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد خفّفت -في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023- العقوبات النفطية والتجارية والمالية المفروضة على فنزويلا لمدّة 6 أشهر قابلة للتجديد، إذا واصلت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو التزاماتها السياسية والانتخابية.
وخلال السنوات التي سبقت فرض العقوبات مباشرةً، استوردت الهند ما يقرب من 300 ألف برميل يوميًا من النفط الفنزويلي، واشترت الجزء الأكبر من هذه الكميات شركة ريلاينس إندستريز (Reliance Industries).
وعادةً ما تكون الخامات الفنزويلية التي تستوردها شركات التكرير الهندية -مثل ميري 16 وهاماكا- ثقيلة، وتحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ما تنتج عنه نسبة أعلى من الرواسب.
موعد وصول شحنات النفط الفنزويلي
تنتظر شركة أو إن جي سي فيديش (ONGC Videsh)، التي تديرها الدولة، المواعيد الرسمية لنقل النفط الخام من فنزويلا، لتعويض أرباح بقيمة 600 مليون دولار، مستحقة لاستثمارها في مشروع للتنقيب والإنتاج، بحسب ما أفادت به وكالة “إس آند بي غلوبال” (S&P Global).
وحصلت شركة أو إن جي سي فيديش، وهي الذراع الخارجية لشركة التنقيب الوطنية أو إن جي سي (ONGC)، على حصة 40% في حقل سان كريستوبال بشرق فنزويلا في عام 2008، وتمتلك شركة النفط الحكومية الفنزويلية بتروليوس دي فنزويلا (PDVSA) الحصة المتبقية البالغة 60% في المشروع.
وقال مسؤول بوزارة النفط الهندية: “وافقت السلطات الفنزويلية على تسليم النفط الخام للهند، مقابل توزيعات الأرباح المستحقة لشركة أو إن جي سي فيديش”.
وصرّح وكيل وزارة النفط الهندية بانكاج جاين -مؤخرًا-: “نحن ننتظر مواعيد نقل شحنات الخام من فنزويلا”.
وفي المدّة من 2017 إلى 2018 (أبريل/نيسان- مارس/آذار)، كانت فنزويلا مدينة لـ أو إن جي سي فيديش بنحو 441 مليون دولار من مدفوعات حصص النفط.
خيار تنافسي للخامات التقليدية
تمتلك مصافي التكرير -مثل مصفاة باراديب التابعة لشركة إنديان أويل (IOC) ومصفاة ريلاينس- قدرة مصممة خصيصًا لمعالجة درجات الكبريت الثقيلة من أميركا اللاتينية.
ونتيجةً لذلك، بدأت بعض مصافي التكرير الهندية التعاقد على النفط الفنزويلي، للتسليم في الربع الأول من عام 2024.
وتتزايد الإمدادات الفنزويلية إلى مصافي التكرير الهندية مع اقتصادات التكرير الجذابة، إذ أمّنت بعض المصافي النفط الفنزويلي للمعالجة في نهاية يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
ومن المقرر أن تصل ناقلة عملاقة من فنزويلا إلى ميناء سيكا، في حين من المتوقع أن تصل إحدى ناقلات السويس إلى ميناء باراديب في أوائل فبراير/شباط.
وقال محلل اقتصادات المصافي في إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) سوميت ريتوليا: “مع توفر النفط الفنزويلي في السوق وإعراب بعض شركات التكرير الهندية عن اهتمامها بشراء النفط الفنزويلي بأسعار مخفضة لتنويع وارداتها منه، والاستفادة من هوامش التكرير على حساب بعض خامات الشرق الأوسط عالية الكبريت، فإن إستراتيجية استيراد النفط الخام في الهند تمر بمرحلة حاسمة ومثيرة للاهتمام”.
وأضاف ريتوليا: “مع انخفاض الحسومات على النفط الروسي، وظهور بعض المشكلات المتعلقة بالدفع والشحن، تستكشف الهند الواردات خارج الشرق الأوسط التقليدي وروسيا، ما يجعل الخام الفنزويلي خيارًا جذابًا لمصافي التكرير”.
وقال المدير الأول في شركة الاستشارات إي واي بارثينون (EY Parthenon) توشار بانسال: “تبحث شركات التكرير الهندية، بما في ذلك القطاع الخاص والمملوك للدولة، باستمرار عن مصادر بديلة لتنويع مشترياتها من المواد الخام”.
وشدد على أن “النفط الفنزويلي تنافسي للغاية ومناسب لمعظم المصافي، وبالتالي سيجذب بالتأكيد شركات التكرير الهندية”.
واردات الهند من النفط الروسي
أجبرت سلسلة من الهجمات على الشحن في البحر الأحمر التجار والموردين على استكشاف طرق بديلة عبر رأس الرجاء الصالح؛ ومع ذلك، لم تتأثر واردات الهند النفطية من روسيا حتى الآن.
وبرزت روسيا بوصفها أكبر مصدر للنفط الخام إلى الهند في عام 2023، إذ تمثّل أكثر من ثلث وارداتها، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأسهمت روسيا بأكثر من 35% من إجمالي واردات الهند النفطية في عام 2023، بما يصل إلى 1.7 مليون برميل يوميًا، بحسب البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة “إس آند بي غلوبال”.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الهند من النفط في عام 2023:
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، بلغ متوسط واردات الهند من النفط الروسي 1.43 مليون برميل يوميًا، ما يعكس انخفاضًا قدره 150 ألف برميل يوميًا مقارنةً بشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وانخفاضًا كبيرًا قدره 620 ألف برميل يوميًا عن الذروة المسجلة في مايو/أيار 2023، التي تمثّل أعلى واردات الهند الشهرية من روسيا.
ودافعت الهند عن وارداتها من النفط الروسي؛ إذ أكد ممثل وزارة النفط والغاز الطبيعي أمام اللجنة الدائمة في البرلمان، إن أسعار النفط الخام كانت سترتفع وتُحدث “فوضى” بالسوق العالمية، لو لم ترفع نيودلهي حجم وارداتها من موسكو في أعقاب الحرب الأوكرانية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply