أبدى الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية تفاؤله بشأن الطلب على النفط خلال السنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن خطة التحول في مجال الطاقة حاليًا تتجاهل الواقع.
وقال الناصر، خلال مشاركته بأسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة، والتي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) إن الطلب العالمي على النفط قد يشهد استقرارًا طويلًا، لكن من غير المرجح أن يشهد انخفاضًا مفاجئًا، مؤكدًا أن العالم سيستهلك 100 مليون برميل يوميًا من النفط بحلول عام 2050.
وأشار إلى اتفاق معظم المحللين على أنه حتى عندما يتوقف نمو الطلب العالمي على النفط، فإنه في مرحلة ما، لا يُتوقع حدوث انخفاض مفاجئ في الطلب الإجمالي، ومن المرجح أن يتبع هذه المرحلة مدة استقرار طويلة؛ لذا فإن الأمر الواقع يتطلّب أكثر من 100 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050.
وأضاف رئيس أرامكو: “هذا تناقض صارخ مع أولئك الذين يتوقعون أن النفط سوف ينخفض، أو يجب أن ينخفض إلى 25 مليون برميل يوميًا فقط بحلول 2050؛ إذ إن نقص 75 مليون برميل يوميًا سيكون مدمرًا لأمن الطاقة والقدرة على تحمل التكاليف”.
الطلب على النفط
شدد الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية على أن الطلب على النفط في أعلى مستوياته على الإطلاق، كما نما الطلب على الغاز بنحو 70% منذ عام 2000؛ لذا بدلًا من التحول في مجال الطاقة؛ فإننا نتحدث في الواقع عن إضافات طاقات جديدة.
وقال أمين الناصر إنه على الرغم من أن نمو الطلب على النفط قد وصل إلى مرحلة الاستقرار في عدد قليل من الاقتصادات، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان؛ فإن هذه البلدان لا تزال تستهلك كميات كبيرة من النفط.
وأضاف: “من المرجح أن يشهد الجنوب العالمي نموًا كبيرًا في الطلب على النفط لمدة طويلة، مع نمو الاقتصادات الوطنية وارتفاع مستويات المعيشة، تمامًا كما استمتعت به الدول المتقدمة لعقود من الزمن”.
وأشار أمين الناصر إلى أن هناك بالفعل فجوة كبيرة بين التوقعات والواقع، على الرغم من استثمار مليارات الدولارات في التحول العالمي بمجال الطاقة.
وقال إنه يتعين على الدول اختيار مزيج الطاقة الذي يساعدها على تحقيق طموحاتها المناخية بالسرعة والطريقة المناسبة لها، لذا يجب أن يكون تركيزنا الأساسي على تحقيق أمن الطاقة، ويشمل ذلك تشجيع الاستثمارات في النفط والغاز التي تحتاج إليها الدول النامية وتستطيع تحمل تكاليفها، وإعطاء الأولوية لخفض انبعاثات الكربون المرتبطة بالمصادر التقليدية من خلال تحسين كفاءة الطاقة وتطوير احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه.
تحول الطاقة
قال الناصر إنه على الرغم من استثمار تريليونات الدولارات في تحول الطاقة العالمي؛ فإن الطلب على النفط والفحم بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق؛ ما يوجه “ضربة قاصمة” لخطط تحول الطاقة.
وأضاف أن آسيا، التي تستهلك أكثر من نصف إمدادات الطاقة في العالم، لا تزال تعتمد على الموارد التقليدية لتلبية 84% من احتياجاتها من الطاقة، مشددًا على أنه بدلا من إزاحة الطلب على الطاقة التقليدية؛ فإن البدائل تلبي في الغالب نمو الاستهلاك.
وأشار رئيس أرامكو السعودية إلى أن التقدم في عملية التحول أبطأ بكثير وأقل إنصافًا وأكثر تعقيدًا مما توقعه الكثيرون، موضحًا أن خطة التحول الحالية تستمر في تجاهل هذا الواقع، وهذا هو السبب في فشلها بتحقيق أهدافها في المجالات الأساسية.
وشدد على أن الطاقة لم تكن ميسورة التكلفة، وأن تقدم عملية التحول في مجال الطاقة كان بعيدًا عن المسار الصحيح.
وأضاف: “على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الكهرباء في أوروبا بما يتراوح بين 3 و5 أضعاف في العديد من البلدان على مدى العقدين الماضيين، على الرغم من التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة”.
وقال إن السيارات الكهربائية تحقق تقدمًا ملحوظًا، ولكن من بين نحو 1.5 مليار سيارة على الطريق، لا يوجد سوى 57 مليون سيارة كهربائية حاليًا، ويقتصر مستوى الانتشار المنخفض في الغالب على الولايات المتحدة والصين والدول الأكثر ازدهارًا في الاتحاد الأوروبي، مدفوعة بالسياسات والإعانات والحوافز.
وأضاف رئيس أرامكو أن بقية دول العالم، وخاصة في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية -التي من المتوقع أن يشهد فيها الطلب على الطاقة نموًا كبيرًا- سوف تتخلف عن الركب وسط مخاوف بشأن القدرة على تحمل التكاليف والبنية الأساسية.
وأشار إلى أن الكهرباء المستعملة لشحن البطاريات تأتي من مصادر طاقة مختلفة في آسيا؛ إذ لا يزال ما يقرب من 70% من الكهرباء مدعومة بالطاقة التقليدية، مع 12% فقط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أكبر شركة منتجة للنفط في العالم، إلى القيود التي تواجه خطط التحول الحالية، قائلًا: “في عملية انتقالية تتطلب مبالغ هائلة من الاستثمار الرأسمالي الأولي؛ فإن تكلفة رأس المال تزيد على الضعف في البلدان النامية حيث الحاجة أعظم”.
وأضاف: “دعونا نكُن واضحين، سوف تكون هناك حاجة إلى كل مصادر الطاقة لعقود مقبلة، ويتعين على المخططين أيضًا أن يتخلوا عن الاعتقاد بأن خطة واحدة قادرة على تلبية احتياجات أكثر من 200 دولة”.
دعا الناصر الدول النامية إلى أن يكون لها دور أكبر في صنع السياسات المناخية؛ إذ تحتاج هذه البلدان إلى ما يقرب من 6 تريليونات دولار سنويًا لتمويل التحول في مجال الطاقة.
وقال: “صوت آسيا وأولوياتها، مثل صوت وأولويات الجنوب العالمي الأوسع، من الصعب سماعها في التخطيط الانتقالي الحالي، والعالم كله يشعر بالعواقب”.
الطلب الصيني على النفط
قال رئيس أرامكو السعودية إن إجراءات التحفيز الأخيرة التي اتخذتها الصين من شأنها أن تعزز الطلب على النفط بأكبر دولة مستهلكة للنفط في آسيا.
وأضاف الناصر: “نحن متفائلون للغاية بشأن الصين، وتزايد الطلب لديها، وخاصة مع حزمة التحفيز الكبيرة التي أصدرها البنك المركزي الصيني، والأمر الآخر هو أننا نشهد زيادة في الطلب على وقود الطائرات والنافثا، وخاصة بالنسبة للسوائل التي تُحَوَّل إلى مواد كيميائية.
واستطرد: “يحدث الكثير من ذلك في الصين، ويرجع ذلك أساسًا إلى نمو الاحتياجات الكيميائية، وخاصة فيما يتعلق بالتحول، بالنسبة للسيارات الكهربائية والألواح الشمسية، فهم يحتاجون إلى المزيد من المواد الكيميائية”.
وقدّم البنك المركزي الصيني مؤخرًا حزمة تحفيز واسعة النطاق لإنعاش النمو الاقتصادي الضعيف نسبيًا، وفي حين ترى مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس أن الخطوة من شأنها أن تدعم الأسعار في الأمد القريب؛ فإن استدامة التفاؤل سوف تعتمد على معالجة القضايا البنيوية الأساسية، مثل ضعف الاستهلاك الخاص والضغوط الانكماشية المستمرة.
وأضاف الناصر أن أرامكو السعودية لديها أيضًا خطة طموحة لتوسيع وجودها في الصين من خلال التعاون مع الشركات الصينية والمصافي العملاقة.
وقال: “نحن نستثمر بشكل كبير، لدى الصين طموحات كبيرة للنمو في سوق تحويل السوائل إلى مواد كيميائية، ويرجع ذلك أساسًا إلى التحول والحاجة إلى المركبات الكهربائية والطاقة الشمسية، فهم بحاجة إلى الكثير من ألياف الكربون.
وأضاف: “إنهم (الصين) يبنون الكثير من المصافي المتكاملة، مع 60%-70% من مرافق تحويل السوائل إلى مواد كيميائية، وهو أعلى مستوى في العالم، ونحن نستثمر في بعض هذه المصافي”.
المخاوف الجيوسياسية
قال الناصر، في تعليقه على المنافسة المتزايدة التي يواجهها بعض موردي الشرق الأوسط في الأسواق الرئيسة من روسيا وموردين آخرين، إن هذا الأمر لا يُشكِّل مصدر قلق كبيرًا بالنسبة لأرامكو السعودية.
وأضاف: “لدينا علاقات طويلة الأمد مع العملاء الهنود والعملاء الصينيين. وموثوقيتنا تتحدث عن نفسها، لذا، وبفضل هذه العلاقة وموثوقيتنا، فإننا نحافظ على قاعدة عملائنا، وحتى مع إدخال النفط الروسي إلى الهند والصين، فإننا نحافظ على قاعدة عملائنا”.
وشدد الناصر على أن أرامكو السعودية مستعدة جيدًا لأي اضطرابات جيوسياسية غير متوقعة، حسبما ذكرت إس آند بي غلوبال بلاتس.
وقال: “لدينا دائمًا سيناريوهات للرد على أي أحداث غير متوقعة”، مضيفًا أن الإمدادات للعملاء لم تنقطع حتى عندما تعرضت منشآتنا للهجوم في الماضي، فقد تمكنّا من إعادة منشآتنا إلى وضعها الطبيعي خلال أسبوعين”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply