دور قطاع النفط والغاز الروسي في دعم الاقتصاد الوطني (مقال)

دور قطاع النفط والغاز الروسي في دعم الاقتصاد الوطني (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع النفط والغاز يعمل محركًا حيويًا للطلب على المعدات والبرمجيات والأنظمة التكنولوجية المتطورة
  • العديد من الدول المشاركة في العقوبات ضد روسيا قلّصت وارداتها النفطية من البلاد
  • روسيا تصدّر تقليديًا النفط إلى الصين من خلال 3 قنوات رئيسة
  • الصين تواصل تنويع سلسلة التوريد لديها وسط الظروف العالمية المتقلبة
  • التصاعد السريع في حجم التجارة يؤكد العلاقات الاقتصادية العميقة بين روسيا والصين

يأتي الاحتفال بيوم عمال صناعة النفط والغاز الروسي، الأحد 1 سبتمبر/أيلول، بصفته تقليدًا مستمرًا منذ أيام الاتحاد السوفيتي، وسط ازدهار علاقاتها مع الصين، شريكتها التجارية الرئيسة.

وتشكّل المناسبة فرصة سانحة لدراسة الدور المحوري الذي يؤديه قطاع النفط والغاز في دعم الاقتصاد الروسي.

وشهدت الصين، بين شهر يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من عام 2023، ارتفاعًا كبيرًا في أحجام وارداتها من سلع الطاقة الرئيسة.

وزادت الصين وارداتها من النفط والغاز الروسي بنسبة 12.4% و7.6% على التوالي، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي. واستوردت الصين كمية ضخمة بلغت 325.752 مليون طن (2.313 مليار برميل) من النفط الخام، خلال المدة المشمولة بالتقرير.

وعلى الرغم من ازدياد الكميات فإن إجمالي الإنفاق على واردات النفط الخام أظهر انخفاضًا، إذ قُدِّرت قيمة المشتريات بنحو 187.293 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 12.3% في التكاليف مقارنة بالإطار الزمني نفسه في عام 2022.

وفي شهر يوليو/تموز وحده، استوردت الصين 43.686 مليون طن من النفط، بقيمة 23.904 مليار دولار.

وحول الغاز الطبيعي، بلغ إجمالي واردات الصين خلال الأشهر الـ7 الأولى من عام 2023 نحو 66.876 مليون طن، بقيمة 36.9 مليار دولار.

ومن المثير للاهتمام أنه على الرغم من زيادة الحجم فإن تصاعد الأسعار كان متواضعًا نسبيًا عند 1.1%.

واشترت الصين، في شهر يوليو/تموز، 10.3 مليون طن من الغاز الطبيعي من مصادر دولية، بتكلفة بلغت 4.9 مليار دولار.

الركيزة الاقتصادية والتوقعات المالية

مما لا شكّ فيه أن قطاع النفط والغاز الروسي يشكل ركيزة الاقتصاد، إذ يُسهم بصورة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي والموازنة الفيدرالية للبلاد، بالإضافة إلى ذلك، يمثّل القطاع محركًا حيويًا للطلب على المعدات والبرمجيات والأنظمة التكنولوجية المتطورة.

تجدر الإشارة إلى أن سلع الوقود والطاقة شكلت، تاريخيًا، دعامة أساسية للصادرات الروسية، وفي عام 2021، مثّلت هذه السلع نسبة كبيرة تبلغ 54.3% من إجمالي هيكل الصادرات السلعي.

ناقلة تحمل الغاز المسالمن روسيا ترسو في محطة بمدينة تيانجين الصينية – الصورة من غيتي إيمجز
ناقلة تحمل الغاز المسال من روسيا ترسو في محطة بمدينة تيانجين الصينية – الصورة من غيتي إيمجز

وتُقدّر الإيرادات المتوقعة من النفط والغاز الروسي خلال عام 2023 بنحو 8.939 تريليون روبل (91.295 مليار دولار)، وهو ما يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، كما سبق أن أشرنا في مقال سابق نشرته منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المتوقع أن تنخفض هذه الإيرادات قليلًا في السنوات اللاحقة، مع توقعات تبلغ 8.656 تريليون روبل (5.4% من الناتج المحلي الإجمالي) لعام 2024، و8.489 تريليون روبل (5% من الناتج المحلي الإجمالي) لعام 2025.

(دولار أميركي = 97.89 روبلًا روسيًا)

إعادة الاصطفاف الجيوسياسي

نظرًا إلى التطورات الجيوسياسية المحيطة بأوكرانيا، قلصت العديد من الدول المشاركة في العقوبات ضد روسيا وارداتها من النفط من البلاد.

وأدى ذلك إلى تحول إستراتيجي للشركات الروسية، إذ أعادت توجيه صادراتها من الطاقة من الأسواق الأوروبية نحو المشترين الآسيويين، وفي المقام الأول الهند والصين.

وحوّلت موسكو صادراتها من النفط والغاز الروسي بعيدًا عن أوروبا ونحو آسيا، إذ ظهرت الصين والهند وتركيا مستفيدتين أساسيتين في أعقاب العقوبات الغربية على النفط المنقول بحرًا، وفرض سقف لأسعار النفط، فضلًا عن انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.

جرّاء ذلك، ارتفعت الشحنات إلى الصين وحدها بنسبة 28%، لتصل إلى 89 مليون طن في عام 2022.

وعلى الرغم من التحديات الجيوسياسية المستمرة والعقوبات، أظهرت صناعة النفط والغاز الروسي مرونة، وحققت زيادة ملحوظة بنسبة 28% في إيرادات الموازنة أو 2.5 تريليون روبل إضافية، مقارنة بالعام السابق، وارتفع إنتاج النفط بنسبة 2%، وشهدت الصادرات زيادة بنسبة 7%.

تقليديًا، تصدّر روسيا النفط إلى الصين من خلال 3 قنوات رئيسة، ويُنقل النفط عبر أحد فروع خط أنابيب شرق سيبيريا – المحيط الهادئ، وتصل قدرته إلى 30 مليون طن سنويًا.

وبلغ متوسط سعر النفط الروسي للصين 498 دولارًا للطن، أو 68 دولارًا للبرميل، في المدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2023؛ 532 دولارًا للطن، أو 72.6 دولارًا للبرميل، وتُنقل 10 ملايين طن (71 مليون برميل) إضافية سنويًا عبر قازاخستان، ويُشحن الباقي عن طريق البحر، خصوصًا من ميناء كوزمينو في الشرق الأقصى.

See also  إيرادات النفط والغاز الروسية.. ظلال قاتمة تحيط باقتصاد موسكو (مقال)

وشهدت المدة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2023 انكماشا في إيرادات النفط والغاز للموازنة الروسية، إذ تراجعت 1.7 مرة إلى 4.193 تريليون روبل.

على صعيد آخر، تميّز شهر يوليو/تموز بصورة أكثر تفاؤلًا، بسبب ارتفاع الإيرادات بنسبة 53% على أساس شهري إلى 811.3 مليار روبل.

ويُعدّ يوم عمال صناعة النفط والغاز الروسي، هذا العام، بمثابة تذكير بأهمية القطاع المستمرة للمَلاءة المالية والتحالفات الإستراتيجية في البلاد.

وتؤكد الشراكة القوية بين روسيا والصين، التي تجسّدت في الارتفاع الكبير في تجارة النفط والغاز، الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة وإستراتيجيات روسيا المتأقلمة في مشهد عالمي دائم التطور.

وحتى قبل شن روسيا حربها ضد أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، كانت الصين تحتل مكانة رائدة بوصفها المستورد الأول للوقود الروسي، ما يؤكد قوة العلاقة التجارية الثنائية وأهميتها في قطاع الطاقة.

وصدّرت روسيا ما يقرب من 229.998 مليون طن (1.633 مليار برميل) من النفط الخام، بقيمة 110.1 مليار دولار، إلى 36 دولة مختلفة في عام 2021، وفقًا لبيانات مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية.

بدورها، استوردت الصين 70.1 مليون طن (500 مليون برميل)، وهو ما يمثّل 30.6% من إجمالي صادرات روسيا من النفط. وبلغت قيمة هذه الواردات 34.9 مليار دولار.

* (الطن يعادل 7.1 برميلًا)

الأهم من ذلك، حافظت الصين على مكانتها بصفتها أكبر مشترٍ لسلعة الطاقة الحيوية هذه من روسيا منذ عام 2017، وتدل هذه الشراكة الدائمة على الدور الإستراتيجي الذي تؤديه الصين في مشهد تصدير الطاقة في روسيا.

وفي عام 2021، صدّرت روسيا الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، بإجمالي 203.5 مليار متر مكعب بقيمة 55.5 مليار دولار.

وعلى الرغم من توجيه جزء كبير من صادرات الغاز الطبيعي هذه، البالغة نحو 40%، نحو الاتحاد الأوروبي، فقد برزت الصين مستوردًا رئيسًا آخر لمورد الطاقة الحيوي هذا بعد عام 2022.

وبحلول شهر يونيو/حزيران 2023، استوردت الصين كمية ضخمة تبلغ 10.5 مليون طن من النفط الخام من روسيا، أي ما يعادل 2.56 مليون برميل يوميًا، بقيمة إجمالية قدرها 5.23 مليار دولار، وفقًا لبيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية.

ويمثّل هذا زيادة كبيرة بنسبة 44% في حجم شحنات النفط مقارنة بيونيو/حزيران 2022، وخلال النصف الأول من عام 2023، شهدت صادرات النفط الروسية إلى الصين نموًا كبيرًا، مع زيادة في الحجم بنسبة 27% مقارنة بالمدة المقابلة من عام 2022.

وبلغ إجمالي العرض 52.6 مليون طن، أي 2.12 مليون برميل يوميًا. ومن الناحية المالية، بلغت قيمة هذه الواردات 28 مليار دولار.

وخلال هذه المدة، تفوّقت روسيا على المملكة العربية السعودية، لتصبح المورد الرئيس للنفط إلى الصين، واحتفظت المملكة العربية المَرتبة بدءًا من نهاية عام 2022.

وكان صعود روسيا واضحًا تحديدًا في الشهرين الأولين من عام 2023، عندما صدرت 15.68 مليون طن من النفط الخام إلى الصين، أي ما يعادل نحو 1.94 مليون برميل يوميًا.

ويمثّل هذا زيادة بنسبة الربع تقريبًا (23.8%) مقارنة بالإطار الزمني نفسه في عام 2022. وتسلط هذه التطورات الضوء على دور روسيا المتوسع في مشهد الطاقة في الصين، وتشير إلى التحولات في ديناميكيات إمدادات النفط العالمية.

الجدول أدناه يستعرض واردات الصين من النفط الخام الروسي منذ بداية 2022:

واردات الصين من النفط الروسي

إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب

في ديسمبر/كانون الأول 2019، بدأ خط أنابيب باور أوف سيبيريا نقل الغاز من شرق سيبيريا إلى كل من السوق المحلية الروسية والصين. ويتضمن خط الأنابيب عقدًا مدته 30 عامًا بقيمة 400 مليار دولار لتزويد الصين بـ38 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.

وبحلول عام 2022، كان خط الأنابيب قد صدّر 15.5 مليار متر مكعب إلى الصين، ومن المتوقع أن يصل إلى 22 مليار متر مكعب في عام 2023. أحد المكونات الأساسية هو محطة آمور لمعالجة الغاز، التي من المقرر أن تصل إلى قدرتها الكاملة بحلول عام 2025.

See also  إمدادات النفط الروسي إلى الهند.. التحولات الإستراتيجية والتداعيات الاقتصادية (مقال)

في المقابل، يدخل الغاز متعدد المكونات في تصنيع منتجات مختلفة للسوق الصينية. ومن المتوقع أن يجري تسليم أكثر من تريليون متر مكعب من الغاز إلى الصين على مدار 30 عامًا.

وكان خط الأنابيب الثاني عبر منغوليا، المعروف باسم سويوز فوستوك، في مرحلة التصميم النهائية بدءًا من مايو/أيار 2023. ويمكن أن ينقل ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى الصين، ومن المرجح أن يبدأ تشييده في عام 2024 ويكتمل بحلول 2027-2028.

بالإضافة إلى ذلك، في فبراير/شباط 2022، تم توقيع عقد طويل الأجل لتزويد الصين بـ10 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز سنويًا عبر طريق الشرق الأقصى من جزيرة سخالين.

وصدّرت روسيا 15.5 مليار متر مكعب من الغاز إلى الصين عبر خط أنابيب باور أوف سيبيريا. وفي عام 2023، ستصل إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب إلى مستوى قياسي يبلغ 22 مليار متر مكعب.

من جهة ثانية، شهدت التسليمات النقدية لغاز خطوط الأنابيب الروسية إلى الصين زيادة كبيرة في عام 2023، إذ ارتفعت 2.23 مرة، لتصل إلى 2.33 مليار دولار خلال الأشهر الـ4 الأولى من عام 2023.

وتضاعفت إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الصين في النصف الأول من عام 2023، من 1.7 مليار دولار إلى 3.4 مليار دولار.

وفي هذه الفئة، احتلت روسيا المرتبة الثانية بعد تركمانستان، التي زادت إمداداتها بنسبة 18.9% إلى 3.41 مليار دولار. بالنسبة إلى شهر أبريل/نيسان 2023، انخفضت القيمة النقدية لإمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الصين بصورة طفيفة بنسبة 3.3% مقارنة بشهر مارس/آذار، لتصل إلى 569.36 مليون دولار. ولم تكشف الإدارة العامة للجمارك الصينية عن الكميات الفعلية لغاز خطوط الأنابيب المستورد.

وتسلط هذه البيانات الشاملة الضوء على الديناميكيات المتطورة لواردات الصين من الطاقة، إذ تواصل الدولة تنويع سلسلة التوريد لديها وسط الظروف العالمية المتقلبة.

الغاز المسال

في النصف الأول من عام 2023، زادت روسيا بصورة كبيرة صادراتها من الغاز المسال إلى الصين، إذ ارتفع الحجم بنسبة 66%، من 2.34 مليون طن بقيمة 2.14 مليار دولار في المدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2022 إلى 3.89 مليون طن بقيمة 2.67 مليار دولار في المدة نفسها من العام الجاري.

تجدر الإشارة إلى أن صادرات الغاز المسال الروسي إلى الصين انخفضت بنسبة 4.7% في يونيو/حزيران مقارنة بشهر مايو/أيار، إذ تراجعت من 900 ألف طن إلى 858 ألف طن، أو ما يقرب من 1.3 مليار متر مكعب.

وفي عام 2022، زادت إمدادات الغاز المسال من روسيا إلى الصين بنسبة 44%، لترتفع من 4.5 مليونًا إلى 6.5 مليون طن، أي ما يعادل 9 مليارات متر مكعب. وارتفعت تكلفة هذه الإمدادات بنسبة 139%، من 2.8 مليار دولار إلى 6.7 مليار دولار.

وانخفض إجمالي صادرات روسيا من الغاز المسال بنسبة 9.4% إلى 14.4 مليون طن في النصف الأول من العام.

وظلت الشحنات إلى أوروبا ثابتة نسبيًا عند نحو 9 ملايين طن، في حين انخفضت الصادرات إلى آسيا بنسبة 42% إلى 5.2 مليون طن. ولم تصدر مصلحة الجمارك الفيدرالية الروسية بيانات الاستيراد والتصدير منذ عام 2022.

ولم تشمل العقوبات الغربية صادرات الغاز المسال من روسيا. وتمتلك البلاد حاليًا مشروعين رئيسيْن للغاز المسال: يامال للغاز المسال، الذي أنتج 19.64 مليون طن في عام 2021، وسخالين-2 بـ11.5 مليون طن.

وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أن مسار خط الأنابيب الجديد هذا في مراحل التخطيط النهائية. ومن المتوقع أن يمر خط الأنابيب بالقرب من مدن مختلفة في شرق سيبيريا ويصل إلى ذروته عند الحدود المنغولية بالقرب من مستوطنة ناوشكي.

جانب من خط أنابيب باور أوف سيبيريا
جانب من خط أنابيب باور أوف سيبيريا – المصدر: موقع آسيا تايمز

من ناحيتها، بدأت غازبروم، شركة الغاز العملاقة التي يسيطر عليها الكرملين، دراسة جدوى في عام 2020، وتهدف إلى بدء توصيل الغاز بحلول عام 2030. ورغم تحديد الخطوط العريضة لخطة الأنابيب، فإن المفاوضات بشأن شروط تسليم الغاز، بما في ذلك التسعير، ما تزال قيد المناقشة بين روسيا والصين.

See also  Crisis in the oil and gas sector in Iran within months (article)

وبرى خبراء الصناعة أن هذه المفاوضات معقدة بسبب افتقار الصين المتوقع إلى احتياجات إضافية من الغاز حتى بعد عام 2030.

وتشير هذه الخطوة إلى نية روسيا الابتعاد عن الأسواق الغربية وتعزيز علاقاتها التجارية مع دول المنطقة الآسيوية، خصوصًا الصين.

ويمكن أن يصبح خط الأنابيب أداة جيوسياسية إستراتيجية بِيَد روسيا، لتقليل اعتمادها الاقتصادي على الغرب، وفي الوقت نفسه، لتشكيل تحالف أقوى مع الصين.

وعلى الرغم من أن موسكو تجد نفسها معزولة بصورة متزايدة عن الغرب، يمكن وصف خط أنابيب باور أوف سيبيريا -2 بمثابة مناورة اقتصادية إستراتيجية، تهدف إلى تنويع صادرات الطاقة وإلى إعادة بَلْورة الموقف الجيوسياسي لروسيا.

بِدَوره، سلط الرئيس التنفيذي لشركة روسنفط، إيغور سيتشين، الضوء على إمكانات النمو الكبيرة لصادرات الغاز المسال الروسية إلى الصين خلال منتدى أعمال الطاقة الروسي الصيني الرابع في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ختامًا، إذ يبدو مشهد تصدير الغاز المسال أكثر تنوعًا من مشهد النفط، فإن زيادة مماثلة في شحنات الغاز المسال إلى الصين يمكن أن تحدث بعد التغيير مع تدشين مشروعات إسالة الغاز الجديدة في روسيا وتطوير البنية التحتية اللوجستية المحسنة، ما يتيح تكثيف المنافسة مع الموردين المهيمنين مثل أستراليا وقطر وماليزيا.

نمو غير مسبوق يميّز العلاقات التجارية بين روسيا والصين

في إشارة إلى تكثيف التعاون الاقتصادي، ارتفعت التجارة بين روسيا والصين إلى مستوى غير مسبوق بلغ 190.271 مليار دولار بحلول نهاية عام 2022، ما يمثل زيادة قوية بنسبة 29.3% على أساس سنوي.

ويكاد هذا الارتفاع الكبير في التجارة يحقق الهدف الطموح الذي حدده قادة البلدين سابقًا، وهو مضاعفة حجم التجارة من 100 مليار دولار في عام 2018 إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2024، وهو ما يُرجَّح أن يتحقق بحلول عام 2023.

الجدول التالي يستعرض إجمالي حجم الصادرات والواردات في الصين حتى يوليو/تموز 2023:

إجمالي حجم الصادرات والواردات في الصين حتى يوليو 2023

وخلال قمة رفيعة المستوى عُقدت في بكين، 4 فبراير/شباط 2022، واصل الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ونظيره الروسي تعزيز تطلعاتهما التجارية.

وقّدم الرئيس شي هدفًا منقحًا، يهدف إلى رفع التبادل التجاري السنوي بين روسيا والصين إلى مستوى أكثر طموحًا يبلغ 250 مليار دولار، وفقًا للمتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف.

ويؤكد هذا التصاعد السريع في حجم التجارة العلاقات الاقتصادية العميقة بين روسيا والصين، ويمهد الطريق إلى مزيد من النمو والتعاون في مختلف القطاعات، وأهمها قطاعا النفط والغاز.

ويُعزى الارتفاع الكبير في صادرات النفط والغاز الروسية إلى الصين إلى عوامل مختلفة. وترجع الزيادة في واردات النفط إلى تحول الإمدادات بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي.

من ناحية أخرى، يرتبط نمو صادرات الغاز بتوسع الشحنات عبر خط أنابيب باور أوف سيبيريا، وظهور زيادة للغاز المسال في السوق الآسيوية مقارنة بالسوق الأوروبية.

وتأتي واردات الصين القياسية من النفط الروسي على خلفية “الانتعاش الاقتصادي المتعثر”، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وتشير الصحيفة إلى أن الصين تكدس الاحتياطيات وتصدر المنتجات النفطية لأسباب مختلفة، بما في ذلك المخاطر الجيوسياسية المحتملة.

وربما تستعد بكين للطوارئ الجيوسياسية، في حين تستفيد من التقلّب الانتهازي تجاه روسيا الذي تحركه حقائق السوق.

وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع محللو الصناعة زيادة أخرى في إمدادات الطاقة الروسية إلى الصين، خصوصًا في ضوء تخفيف الصين لمختلف إجراءات مكافحة فيروس كورونا.

وما تزال التحديات اللوجستية قائمة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى إحجام شركات الناقلات الكبرى عن نقل النفط الروسي.

وعلى الرغم من إعلان روسيا أنها ستخفض طوعًا صادراتها النفطية بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في أغسطس/آب 2023، فمن المرجح أن تؤثر التخفيضات على مناطق أخرى بدلًا من الصين.

ونظرًا إلى أن الصين تشكل سوقاً بالغة الأهمية بالنسبة لروسيا، فلن يكون من الحكمة الاقتصادية أو الواقعية أن نتوقع أن تخفض روسيا الإمدادات إلى ذلك البلد.

* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Posted

in

by

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *