ارتفع دعم الوقود في السعودية إلى 7 آلاف دولار أميركي للفرد، ما يمثّل أعلى مستوى بين اقتصادات مجموعة الـ20، وفق تقرير حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأنفقت السعودية ما مجموعه 253 مليار دولار على دعم الوقود العام الماضي (2022)، ما يعادل نحو 27% من الناتج الاقتصادي، عبر الإعانات الصريحة والضمنية، بحسب ورقة بحثية نشرها صندوق النقد الدولي.
ويحثّ صندوق النقد الدولي المملكة العربية السعودية على المضي قدمًا في إجراءات خفض فاتورة الدعم الحكومي واتخاذ خطوات لحماية رفاهية الأسر ذات الدخل المنخفض، من خلال زيادة الإنفاق الاجتماعي المستهدف.
وأدى دعم الوقود في السعودية إلى جعل سعر البنزين السعودي من أرخص الأسعار في العالم.
دعم الوقود في السعودية
في عام 2021، حددت الحكومة السعودي سقفًا للتكلفة المحلية للبنزين لتخفيف تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة على المواطنين، وذلك قبل أشهر فقط من ارتفاع الأسعار إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، بحسب ما رصدته منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.
وفي مشاورة المادة الرابعة التي عقدها العام الماضي (2022)، قال صندوق النقد الدولي، إن عمل المملكة على إصلاحات الدعم “مستمر دون هوادة من خلال الزيادات التدريجية في الأسعار المخطط لها، والتي ستؤدي إلى إزالة الدعم بحلول عام 2030”.
وأشار تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن خفض دعم الوقود الأحفوري يمكن أن يساعد في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والوفيات الناجمة عن تلوث الهواء وتعزيز الإيرادات الحكومية.
وكتب كلٌّ من: سايمون بلاك، وأنتونغ إيه ليو، وإيان باري، ونيت فيرنون، في ورقة بحث صندوق النقد الدولي: “يُسَعَّر الوقود الأحفوري في معظم الدول بشكل غير صحيح”.
وأضافوا: “لسوء الحظ، تُحدد الأسعار الحالية اعتياديًا عند مستويات لا تعكس بشكل كافٍ الأضرار البيئية، أو حتى تكاليف العرض في بعض الحالات”.
وكانت الصين -التي أنفقت 2.2 تريليون دولار- أكبر مزوّد للإعانات من حيث القيمة المطلقة، تليها الولايات المتحدة وروسيا، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
مستوى قياسي لإعانات الوقود الأحفوري
على الصعيد العالمي، ارتفعت إعانات الوقود الأحفوري إلى مستوى قياسي بلغ 7 تريليونات دولار في العام الماضي (2022)، إذ دعمت الحكومات المستهلكين والشركات خلال الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، والتعافي الاقتصادي من جائحة فيروس كورونا.
ويمثّل ذلك 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، أي أكثر مما تنفقه الحكومات سنويًا على التعليم (4.3% من الدخل العالمي)، ونحو ثلثي ما تنفقه على الرعاية الصحية (10.9%).
وارتفعت إعانات الوقود الأحفوري بمقدار تريليوني دولار على مدى العامين الماضيين، مع تضاعف إعانات الدعم الصريحة (تخفيض تكاليف العرض) إلى أكثر من الضعف، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار، بحسب ما جاء في التقرير الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إجمالي إعانات الوقود الأحفوري عالميًا، منذ عام 2015 حتى عام 2022:
ومن المتوقع أن ينخفض الدعم على المدى القريب مع تراجع سياسات دعم أسعار الطاقة وانخفاض الأسعار العالمية، ولكنه سيرتفع بعد ذلك إلى 8.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، مع استمرار ارتفاع حصة استهلاك الوقود في الأسواق الناشئة (حيث تكون فجوات الأسعار أكبر عمومًا).
ويعكس 18% من الدعم لعام 2022 فرض رسوم أقلّ على تكاليف العرض (الإعانات الصريحة)، في حين يمثّل 82% من الدعم فرض رسوم أقلّ على التكاليف البيئية وضرائب الاستهلاك المفقودة (الإعانات الضمنية)، مع انخفاض حصة الدعم الصريح إلى 8% بحلول عام 2030.
ضرورة إلغاء دعم الوقود الأحفوري
أكد صندوق النقد الدولي -في تقريره- أنه إذا ألغت الحكومات الإعانات الصريحة وفرضت ضرائب تصحيحية، فإن أسعار الوقود سترتفع، ما سيدفع الشركات والأسر إلى النظر في التكاليف البيئية عند اتخاذ قرارات الاستهلاك والاستثمار.
وستكون النتيجة خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بشكل كبير، وهواء أنظف، وتقليل أمراض الرئة والقلب، وتوفير حيز مالي أكبر للحكومات.
وأشار إلى أن إلغاء إعانات دعم الوقود الأحفوري الصريحة والضمنية من شأنه أن يمنع 1.6 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًا، ويزيد الإيرادات الحكومية بنحو 4.4 تريليون دولار، ويضع الانبعاثات على المسار الصحيح نحو تحقيق أهداف الاحتباس الحراري العالمي.
ومع ذلك، قد يكون إلغاء دعم الوقود أمرًا صعبًا؛ إذ يتعين على الحكومات أن تصمم الإصلاحات وتنشرها وتنفّذها بوضوح وبعناية، جزءًا من حزمة سياسات شاملة تؤكد الفوائد، بحسب صندوق النقد الدولي.
وينبغي استعمال جزء من الإيرادات المتزايدة لتعويض الأسر الضعيفة عن ارتفاع أسعار الطاقة، ومن الممكن استعمال الباقي لخفض الضرائب على العمل والاستثمار وتمويل المنافع العامة،مثل التعليم والرعاية الصحية والطاقة النظيفة.
وجاء في التقرير: “مع تراجع أسعار الطاقة العالمية وارتفاع الانبعاثات، فإنّ هذا هو الوقت المناسب للتخلص التدريجي من إعانات دعم الوقود الأحفوري الصريحة والضمنية؛ من أجل كوكب أكثر صحة واستدامة”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply