كشف لبنان حقيقة الأنباء المتداولة عن غضب العراق من تعاون بيروت مع الجزائر عقب وصول منحة الوقود أمس الثلاثاء، في خطوة من شأنها أن تسهم بحلّ جزء من أزمة الكهرباء التي تفاقمت بعد نفاد الوقود العراقي.
وقال مستشار وزير الطاقة اللبناني طوني ماروني، إن بلاده لم تتلقَّ أيّ اعتراضات من الجانب العراقي حول شحنة الوقود الجزائرية التي وصلت إلى ميناء طرابلس أمس الثلاثاء، إذ إنها عبارة عن هبة من الوقود إلى جانب بيروت في أزمتها.
وتوقّع ماروني في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة (مقرّها واشنطن) حدوث انفراجة قريبة في استيراد “الفيول” من العراق، ما يسهم بتحسُّن التغذية الكهربائية في البلاد، مشددًا على أنه لا يوجد خلاف بالمعنى الحقيقي وراء تأخُّر وصول الشحنات من بغداد.
وشدد على أن العراق كان من أول الدول التي وقفت إلى جوار لبنان في أزمته قبل أكثر من سنة، إذ مدّ بيروت بشحنات على شكل هبة، بالإضافة إلى تعاقد بطريقة دفع مسهّلة جدًا، وبالليرة اللبنانية وليس بالدولار.
الوقود الجزائري إلى لبنان
شدد مستشار وزير الطاقة اللبناني على أن موقف الجزائر في الأزمة الأخيرة موقف أخوي، قائلًا: “كل الأشقاء العرب يقفون إلى جوار بعضهم وقت المحن، وهذا دفع الجزائر مشكورة إلى الإسهام بباخرة الفيول”.
وأشار إلى مبادلة الفيول الجزائري عبر مناقصة ستُعلَن لاحقًا، من أجل تأمين وقود يلائم طبيعة معامل الكهرباء بالشحنة الجزائرية.
ووصلت شحنة الوقود الجزائرية على متن الناقلة “عين أكر” محمّلة بـ30 ألف طن من الوقود إلى مرفأ طرابلس أمس الثلاثاء 27 أغسطس/آب، في خطوة من شأنها أن تُسهم بحلّ جزء من أزمة انقطاع الكهرباء في لبنان.
وجهّزت شركة سوناطراك خلال الأسبوع الماضي أول شحنة وقود لإنقاذ لبنان من أزمة الكهرباء التي تفاقمت بعد نفاد مخزونات “الديزل” من محطات الكهرباء.
وقالت سوناطراك، في بيان حصلت عليه منصة الطاقة: إن “هذا الوقود (الشحنة المرسلة إلى بيروت) يتميّز بجودته العالية من حيث الكفاءة الطاقية وانخفاض محتواه من الكبريت، وهو ما يُعدّ مطلبًا ضروريًا لإنتاج الكهرباء”.
وأوضح مستشار وزير الطاقة اللبناني طوني ماروني أن وصول شحنات وقود إضافية من الجزائر مرهون بموقف البلد الأفريقي، إذ إن لبنان لم يطلب شحنات هبة، “ولكن كان موقفًا أخويًا من الأشقاء في الجزائر للوقوف إلى جانبنا، ونشكر كل مساهمة لحل أزمة الكهرباء”.
وأكد أنه لا توجد أيّ نية لدى لبنان للتعاقد مع الجزائر على أيّ شحنات وقود بشكل منتظم، مشيرًا إلى أن بلاده لديها مشكلات منظورة أمام القضاء مع الجزائر حول صفقات وقود سابقة.
ونفى تراجع لبنان عن الدعوى القضائية الخاصة بأزمة الشحنة المغشوشة، بعد الموقف الجزائري الداعم لبيروت من خلال إرسال شحنة وقود لحل أزمة الكهرباء.
وكان القضاء اللبناني قد أدان 12 شخصًا في 13 مايو/أيار 2020، ووجّه لهم اتهامات تتعلق بـ”جرم التقصير الوظيفي وتقاضي رشاوى وتغيير تقارير” في القضية المعروفة إعلاميًا “بشحنة الوقود المغشوشة”، وهي القضية التي رأت الجزائر أنها غير متورطة فيها، دفعتها إلى التوقف عن تزويد بيروت بالوقود نهاية عام 2020.
الكهرباء في لبنان
أوضح مستشار وزير الطاقة أن أزمة الكهرباء في لبنان سببها تأخير إداري من جانب مصرف لبنان حول آليات صرف مستحقات العقد مع الجانب العراقي.
ولم يتمكن مصرف لبنان المركزي من الوفاء بالمال اللازم لدفع ثمن الوقود العراقي، الأمر الذي أدى إلى تراكم المستحقات المالية على بيروت.
وواجه لبنان أزمة كبيرة في إمدادات الوقود المطلوبة لتوليد الكهرباء في المحطات، على خلفية الأزمات المالية بينه وبين العراق، الذي وقّع معه اتفاقية مبادلة بسبب تراكم المديونيات لصالح بغداد، ما دعا شركة تسويق النفط العراقية “سومو” إلى وقف تفريغ ناقلات تحمل الديزل الأحمر.
وبررت بيروت استمرار الأزمة بوجود عوائق إجرائية بين المصرف المركزي والبرلمان، إذ تأخّر البنك اللبناني في تحويل ثمن شحنات الديزل الأحمر إلى شركات الوقود العراقية، بسبب حاجته إلى غطاء قانوني من البرلمان، لإجراء التحويل المطلوب.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان قد أعلنت، يوم السبت 17 أغسطس/آب، نفاد كميات الوقود في مخازنها ولدى محطات توليد الكهرباء، الأمر الذي أوقف التيار كليًا عن جميع أراضي الدولة، بما في ذلك المرافق الأساسية، مثل المطار والسجون والميناء ومحطات المياه والصرف الصحي.
حصار لبنان
أشار ماروني، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن لبنان يعيش في أزمة وحصار، أزمة داخلية وخارجية ويعاني من حصار تسبَّب بعدم تدفُّق الغاز المصري إلى معمل دير عمار، ما كان سيوفر للخزينة ملايين الدولارات فرق سعر الغاز عن المازوت.
يشار إلى أن اتفاقية تصدير الغاز المصري إلى لبنان، كانت قد وُقِّعت بين البلدين في عام 2022، إذ اتفق الجانبان على أن تستورد بيروت نحو 650 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا من القاهرة، عبر خط الغاز العربي المارّ في أراضي سوريا، إلّا أنه يواجه أزمة العقوبات الأميركية على دمشق.
وأضاف ماروني أن الحصار حرم لبنان أيضًا من الحصول على الكهرباء منخفضة الثمن من الأردن، بقدرات تصل 250 ميغاواط، كانت ستمرّ عبر سوريا، مثلما هو الحال مع الغاز المصري.
وكان من المتوقع أن تسمح الاتفاقيتان –مع مصر والأردن حال تنفيذهما- بإضافة ما يتراوح بين 6 و8 ساعات من الكهرباء، إلّا أنه ما يزال البيت الأبيض يرفض منح الدول العربية الـ4 إعفاءات من العقوبات؛ إذ تزعم واشنطن أن مساعدة لبنان في الحصول على الطاقة عبر أراضي سوريا ستقوّض عقوبات قانون قيصر الأميركي ضد دمشق.
ويعاني لبنان أزمة في قطاع الكهرباء منذ نحو 30 عامًا، ولكنها تعمّقت منذ 4 سنوات، بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت بيروت، وجعلت حكوماتها المتعاقبة غير قادرة على توفير ثمنه لتشغيل محطات الكهرباء.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply