تُخيّم الضبابية على توقعات أسعار النفط، خاصة بعد الموجة البيعية التي ضربت الأسواق العالمية كافة خلال الجلسات الماضية، وسط مخاوف من حدوث ركود اقتصادي.
وتوفر المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتخفيضات تحالف أوبك+ أساسيات داعمة لأسعار الخام، إلّا أن شبح الركود الذي ضرب الأسواق العالمية قد يلتهم أيّ توقعات متفائلة للأسعار.
ويرى تقرير حديث حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) أن أسعار النفط التي تُتداول -حاليًا- حول مستويات 76 دولارًا لخام برنت ستشهد انخفاضًا حادًا حال حدوث ركود اقتصادي قوي، قبل أن تتعافى سريعًا مع قيام تحالف أوبك+ بخفض أكبر للإنتاج.
شهدت الأسواق العالمية خسائر حادة منذ نهاية الأسبوع الماضي، على وقع البيانات الاقتصادية الضعيفة في الولايات المتحدة وتباطؤ الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة.
وازدادت الأمور سوءًا أمس الإثنين، وسط مخاوف كبيرة من حدوث ركود اقتصادي، ليهرع المستثمرون نحو النقد “الكاش”، تاركين الأصول الخطرة، وحتى الآمنة مثل الذهب والدولار، مكتسية باللون الأحمر.
كيف تحركت أسعار النفط؟
مع مخاوف الركود، أغلقت أسعار النفط جلسة أمس الإثنين 5 أغسطس/آب 2024 على انخفاض بنحو 0.7% لخام برنت، ليصل إلى 76.30 دولارًا للبرميل، مسجلًا أقلّ مستوى منذ يناير/كانون الثاني 2024، حتى بعد أن قلّصت الأسعار خسائرها القوية خلال الجلسة.
كما تراجع سعر خام غرب تكساس الأميركي بنسبة 0.8%، ليصل إلى 72.94 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ أوائل فبراير/شباط 2024.
ومنذ بداية شهر أغسطس/آب 2024، تجاوزت خسائر أسعار النفط 5.5%، مع علامات على تباطؤ نمو الطلب على النفط في الصين.
وأضافت مخاوف الركود الأخيرة مزيدًا من عدم اليقين حول توقعات أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة، وكيف سيُدير تحالف أوبك+ ذلك.
توقعات أسعار النفط في حالة الركود الاقتصادي
يرى تقرير حديث صادر عن شركة إنرجي أوتلوك أدفايزر الاستشارية في الولايات المتحدة، أن خسائر أسعار النفط نابعة من المعنويات السلبية التي تغمر الأسواق العالمية، وليس بسبب الأساسيات، خاصة أن الانخفاض الذي لحق بأسعار الخام أقل من الذي شهدته الأسهم وغيرهما من الأصول.
بعبارة أخرى، ليس هناك تغيّرات بشأن توقعات أسعار النفط، إلّا إذا حدث الركود الاقتصادي، وأثّر سلبًا في الطلب على الخام، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ومن جانبه، يرى الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، أمين الناصر، أن سوق النفط تبالغ في ردّ فعلها تجاه مخاوف الركود، مشيرًا إلى أن أساسيات السوق لا تدعم انخفاض الأسعار، وذلك في تعليقات على هامش إعلان نتائج أعمال الشركة للنصف الأول من عام 2024.
وفي السيناريو الأساسي الحالي لشركة إنرجي أوتلوك أدفايزر؛ فإن أسعار النفط ستتداول في نطاق ضيق يتراوح بين 78 دولارًا و84 دولارًا لخام برنت.
وبالطبع في حالة حدوث ركود اقتصادي، ستتغير توقعات أسعار النفط تمامًا؛ فمن شأن الركود في الاقتصادات العالمية الكبرى أن يمحو كل النمو المتوقع للطلب في عام 2024، والبالغ 1.48 مليون برميل يوميًا من جانب إنرجي أوتلوك.
ويُشار إلى أن أحدث تقديرات نمو الطلب على النفط يختلف بصورة كبيرة من منظمة إلى أخرى؛ إذ ترى وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية نموًا قدره 0.970 مليونًا و1.11 مليون برميل يوميًا على التوالي خلال 2024، في حين إن تقديرات منظمة أوبك متفائلة للغاية عند 2.25 مليونًا، كما يرصد الجدول أدناه:
وفي حالة حدوث ركود حادّ، تتوقع شركة إنرجي أوتلوك أدفايزر اتجاه تحالف أوبك+ إلى خفض الإنتاج بصورة أكبر، وحينها ستشهد أسعار النفط انخفاضًا حادًا لمدة وجيزة، قبل أن تنتعش سريعًا.
وبعيدًا عن سيناريو الركود، تشير توقعات أسعار النفط من جانب إدارة معلومات الطاقة إلى أن متوسط السعر الفوري لخام برنت سيبلغ 86.37 دولارًا للبرميل خلال 2024، في حين سيصل الخام الأميركي إلي 82.03 دولارًا.
تحركات أوبك+
يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، أنه لولا التخفيضات الحالية من جانب أوبك+، لكانت أسعار النفط عند مستويات 30 دولارًا للبرميل في الوقت الحالي.
وأضاف الحجي، في مقابلة مع قناة “العربية”، أن تراجعات أسعار النفط الأيام الماضية بسبب الطلب الأقل من المتوقع، وهو ما تجلّى في تراجع واردات الصين النفطية في النصف الأول هذا العام على أساس سنوي.
وتخفض أوبك+ الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 وحتى نهاية 2025، إلى جانب تخفيضات طوعية أخرى من جانب 9 دول، بإجمالي 1.6 مليونًا، بدءًا من مايو/أيار 2023 لنهاية العام المقبل.
كما تنفّذ 8 دول من التحالف بقيادة السعودية تخفيضات طوعية بمقدار 2.2 مليون برميل يوميًا منذ بداية 2024، ومستمرة لنهاية الربع الثالث هذا العام، مع إعادة الكميات تدريجيًا، بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول 2024 وحتى نهاية سبتمبر/أيلول 2025.
وجدد تحالف أوبك+ -مؤخرًا- تأكيده أن التخلص التدريجي من التخفيضات الطوعية يمكن وقفه مؤقتًا أو عكس اتجاهه، اعتمادًا على ظروف السوق.
ونتيجة لذلك، ونظرًا للوضع الحالي للسوق، ترى شركة إنرجي أوتلوك أدفايزر أن قرار التخلص التدريجي من التخفيضات الطوعية بدايةً من الربع الرابع 2024 قد يُلغى أو يتأجل.
في الوقت نفسه، سيضغط التحالف على الدول التي أنتجت أعلى من حصتها في الأشهر السابقة للتعويض عن طريق خفض الإنتاج، ما يعني في النهاية أن يكون المعروض النفطي أقل من المخطط له في الربع الرابع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply