اقرأ في هذا المقال
- تجارة النفط بين روسيا والهند تشهد تحولات كبيرة.
- لامس العجز التجاري للهند مع روسيا 43 مليار دولار في عام 2022-2023.
- قالت موسكو إن بنكي “في تي بي” و”سبير بنك” سيشاركان بسداد المدفوعات في التجارة مع الهند.
- نمت إمدادات النفط الروسية بواقع 11 مرة خلال المدة بين يناير ومايو 2023.
- تواصل الهند الاعتماد على الدولار في الجزء الأكبر من مدفوعاتها مقابل وارداتها النفطية من روسيا.
تكشف التطورات الأخيرة عن تحول كبير في علاقات تجارة النفط بين روسيا والهند.
ففي فبراير/شباط (2023)، تفوّقت روسيا على المملكة العربية السعودية، لتعتلي المركز الثاني في قائمة أكبر موردي النفط للهند خلال العام الجاري (2023).
وقد تأثر هذا التحول بالأحدث الجيوسياسية المهمة.
ففي أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، التي اشتعلت شرارتها الأولى في 24 فبراير/شباط (2022)، فرضت القوى الغربية عقوبات اقتصادية ومصرفية ضد موسكو.
وبعدما فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية عقوبات مغلّظة على قطاع النفط الروسي، أعادت موسكو ضبط إستراتيجية الصادرات الخاصة بها لتركز على الشرق، خصوصًا الهند والصين اللتين امتنعتا عن الانضمام إلى التحالف الغربي الذي فرض عقوبات ضد روسيا.
وهذا الامتناع الإستراتيجي أتاح لموسكو سوقًا متعطشة، ولا سيما للنفط الخام، في الهند.
قاد هذا التوجه روسيا لأن تصير المورد الرئيس للهند متفوقة على القوى النفطية التقليدية مثل العراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وخلال المدة بين شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022) وفبراير/شباط (2023)، احتلت روسيا المركز الأول في قائمة أكبر موردي النفط للهند، والذي كان يحتله في السابق العراق.
في غضون ذلك استأثرت الهند بما نسبته 70% من الشحنات البحرية للنفط الخام الروسي “الأورال” الذي يقل سعره عن 60 دولارًا للبرميل، وذلك في أعقاب القرار الذي اتخذته مجموعة الدول الـ7 بشأن سقف أسعار النفط الروسي، في إطار العقوبات ضد موسكو.
وامتثلت الهند لقرار سقف أسعار النفط الروسي، بهدف الالتزام بالسعر المحدد البالغ 60 دولارًا للبرميل.
وظلّت المؤسسات المالية والتجار يشعرون بالتردد من المشاركة في الصفقات التي يتجاوز سعرها هذا السقف، خشية تعرضهم لعقوبات مالية محتملة.
وحتى وقت قصير مضى، دارت أسعار نوعيات النفط المحددة التي استوردتها الهند من روسيا في نطاق الحد الذي أقرّته مجموعة الدول الـ7؛ ما يُمكِّن نيودلهي من تسوية مدفوعات الصفقات ذات الصلة بالدولار.
تحول كبير
مع تقليص روسيا تخفيضاتها لأسعار شراء خام الأورال في ضوء ارتفاع الطلب من الصين، وتناقص وفرة النوعيات الرديئة من النفط، شهدت الديناميكيات تحولًا لا يخفى على أحد.
وتتقلص التخفيضات التي تستفيد بها الهند من النفط الخام الروسي؛ إذ انخفضت من نحو 30 دولارًا إلى 4 دولارات للبرميل.
ورغم تناقص التخفيضات الموسّعة؛ فقد ظلّت أسعار الشحن التي تُشرِف عليها روسيا مرتفعة.
والآن تتحمل الهند تكاليف شحن مرتفعة تتراوح من 11 إلى 19 دولارًا للبرميل، للنقل من المواني الروسية، وهو سعر يزيد كثيرًا على المسافات المناظرة من بلدان أخرى.
وهنا تبرز أهمية ديناميكيات تجارة النفط بين روسيا والهند.
فبدءًا من شهر أبريل/نيسان (2022) إلى يناير/كانون الثاني (2023)، كانت هناك زيادة 4 أضعاف في الصادرات الروسية إلى الهند.
وهذا التصعيد الدراماتيكي، المدعوم عمومًا بزيادة في إمدادات النفط والفحم والأسمدة، دفع روسيا من مركزها العشرين في عام 2021 إلى واحدة من أكبر 5 شركاء تجاريين للهند بحلول العام الماضي (2022).
وعلاوة على ذلك نمت إمدادات النفط الروسية بواقع 11 مرة خلال المدة بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار (2023).
زيادات الصادرات النفطية
تشير التقديرات التي جاءت على لسان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إلى زيادة نسبتها 76% في صادرات النفط إلى الدول غير الخاضعة لعقوبات في عام 2022.
وقد استمر هذا التوجه خلال العام الجاري (2023)، مع احتلال الهند المركز الثالث عالميًا في قائمة الدول المستوردة للنفط.
الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح الدول المستوردة للوقود الأحفوري (1 يناير 2023-23 أغسطس 2023):
ووفق التقرير السنوي الصادر عن الاحتياطي الهندي (البنك المركزي)، زادت واردات النفط الروسية، خلال العام المالي 2022-2023، 14 ضعفًا.
كما ارتفعت واردات النفط الخام الروسي إلى ما إجمالي قيمته 31.02 مليار دولار من 2.2 مليار دولار في عام 2022، بحسب بيانات بنك الاحتياطي الهندي.
وقفزت حصة روسيا في إمدادات المواد الهيدروكربونية إلى السوق الهندية بمعدل 17.1 نقطة مئوية، من 2-19.1%.
ونتيجة لذلك يَعلُق نحو 39 مليار دولار –الآن- في البنوك الهندية، لا تقدر شركات النفط على إعادتها إلى روسيا بسبب استبعادها من نظام “سويفت” الدولي للمعاملات المالية نتيجة العقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
ومن سوء الطالع بالنسبة إلى موسكو أنه يستحيل –حاليًا- استعمال تلك الأموال.
فوفق التشريعات المحلية، يحظر سحب عملات الروبية المحلية من الهند؛ إذ يحظر بنك الاحتياطي الهندي تداول العملة الوطنية خارج البلاد.
آلية التجارة القائمة على الروبية والروبل
تنخرط الهند في مفاوضات مع روسيا لإعادة تفعيل ترتيب التجارة القائمة على الروبية والروبل، والذي سيكون آلية دفع بديلة لتسوية المستحقات بالروبية الهندية بدلًا من الدولار أو اليورو.
وقالت موسكو إن بنكي “في تي بي” و”سبير بنك” سيشاركان في سداد المدفوعات في التجارة مع الهند.
ومع ذلك فقد لا تتعدى آلية الدفع القائمة على الروبية-الروبل مرحلة الفكرة نتيجة قابلية تحول الروبية إلى الروبل؛ إذ يجري الحفاظ على قيمة الروبل من خلال ضوابط رأس المال ولا يحددها السوق، كما هو الحال في العملات المحجوزة.
والأهم من ذلك أن الصعود في تجارة النفط بين روسيا والهند في عام واحد قد أدى إلى تضخم العجز.
ولامس العجز التجاري للهند مع روسيا 43 مليار دولار في عام 2022-2023، مع استيرادها سلعًا بقيمة 49.35 مليار دولار، بينما لم تتجاوز صادراتها 3.14 مليار دولار.
وقد علقت نيودلهي العمل على تحويل التجارة الثنائية إلى الروبل نتيجة عدم التوازن التجاري -51 مليار دولار واردات هندية مقابل 10.6 مليار دولار إلى روسيا-.
ويُحدد مستوى الدخل الأساسي بالروبية، وهو ما يُترجم إلى مبلغ صغير حتى بالعملة الروسية.
وتؤدي عائدات الصرف الأجنبي دورًا مهمًا.
كما تبرز قضية ملحّة مفادها أن شركات التصدير الروسية تدفع النفط إلى أسعار اسمية، فقط لكي تبيعه إلى المشتري النهائي بأسعار أعلى.
وغالبًا ما يُعزى هذا الفرق في الأسعار إلى التكاليف اللوجستية، لكن تبقى الأرقام الحقيقة غير واضحة.
وظهر تحدٍّ آخر مع التحول نحو التجارة بالروبل، والعملات غير الرئيسة الأخرى؛ ما قاد إلى تراجع المعاملات التجارية بالدولار في سوق أسعار الصرف المحلية.
وقالت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا، إن 1% فقط من إيرادات صادرات الشركات ينتهي بها الأمر في الخارج.
ومن حيث المقارنة على أساس سنوي؛ فإن عائدات الصرف الأجنبي من الصادرات في يوليو/تموز 2023 بلغت 6.9 مليار دولار، ما يقل كثيرًا عن العائدات المسجّلة في العام الماضي (2022) والبالغة 16.7 مليار دولار.
الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضّح الدول المستوردة للوقود الأحفوري الروسي (منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية حتى 23 أغسطس 2023):
جمود مالي
في الوقت الراهن تشهد عملات الروبية التي تحصل عليها روسيا من مبيعاتها إلى الهند، نوعًا من الجمود المالي.
وتعرقل السلطات التنظيمية في الهند نقل تلك العملات المحلية خارج البلاد؛ إذ يفرض بنك الاحتياطي الهندي إجراءات صارمة على التداول الخارجي للعملة الوطنية.
ورغم إمكان استعمال العملة الهندية لاستيراد السلع من الهند؛ فإن تلك الواردات تكون قليلة جدًا.
وخلال المدة بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2023، بلغت قيمة تلك الواردات 639 مليون دولار.
في المقابل بلغت صادرات روسيا إلى الهند ما إجمالي قيمته 5.26 مليار دولار، ما يتجاوز الواردات بمعامل قدره 40.
ويُعزى الخفض في الصادرات الهندية، بوجه خاص، إلى التراجع في قطاع الآلات والمعدات في أعقاب العقوبات الغربية.
وقاد هذا -أيضًا- إلى تراكم كميات كبيرة من الروبية الهندية في البنوك الروسية، والتي لا يمكن أن تستعملها روسيا في مجهودها الحربي في أوكرانيا.
ويفرض هذا تحديًا؛ نظرًا إلى صعوبة إعادة تلك الروبية الهندية إلى الوطن نتيجة القواعد الصارمة المنظمة للعملة.
بيئة تحديات عالمية
إن التحول إلى التجارة بالعملات الأصلية -الروبية والروبل- قد ثبتت صعوبته نتيجة اللوائح التنظيمية الصارمة المنظمة للعملة، إلى جانب عدم التوازن الكبير في الإمدادات المشتركة.
وبالطبع أضافت العقوبات الغربية المفروضة على البنوك الروسية إلى هذا التعقيد.
وتفرض البيئة العالمية، التي شابتها تلك العقوبات، تهديدات مثل تجميد الأصول الروسية بالخارج.
وتتعدد تداعيات تلك العقوبات؛ إذ لم يَطُل الوقت المطلوب لنقل الأموال فحسب، ولكن البنوك الروسية تواجه –أيضًا- مشكلات دورية عند محاولتها استعمال نظام “سويفت”، مع رفض حوالاتها المالية أو حتى حظرها بالكلية.
الاتجاه إلى اليوان
وسط تزايد العقوبات الغربية، كانت تجارة النفط العالمية تشهد تحولًا ضخمًا.
فقد أجبرت العقوبات روسيا وعملاءها النفطيين على البحث عن عملات خلاف الدولار، لتسوية العملات.
وشرعت مصافي النفط الهندية في اللجوء إلى اليوان الصيني لتسوية مشتريات نفطية روسية معينة.
ويدعم التحول في عملة المعاملات مساعي الصين لوضع اليوان منافسًا قويًا للدولار الأميركي على الساحة العالمية.
وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، تبرز الهند مشتريًا رئيسًا لشحنات النفط الروسي البحري.
والمثير أن هذا التحول ليس مقصورًا على الهند؛ فالصين قد ركّزت على عملتها في تسوية مشترياتها من الطاقة الروسية.
وبرزت شركة النفط الهندية “إنديان أويل” رائدة في هذا المشهد المتغير.
وفي يونيو/حزيران (2023)، أضحت “إنديان أويل” كيانًا رائدًا حكوميًا في الهند يحول مدفوعات وارداته من روسيا باليوان الصيني.
ونظرًا إلى أن “إنديان أويل” مشترٍ رئيس للوقود الروسي في الهند، يُعد هذا التحول مهمًا دون شك.
يُشار إلى أن اثنتين من مصافي النفط الخاصة الـ3 في الهند قد تحولتا -أيضًا- إلى تسوية المدفوعات المستحقة عليها مع موسكو باستعمال اليوان.
وهذا الميول المتنامي صوب اليوان له ما يبرره عند دراسة الإطار الأوسع للتمويل والتجارة الدوليين.
جاذبية الروبية محدودة
نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، بحثت الأخيرة عن بدائل للدولار الأميركي المهيمن في تسوية المعاملات التجارية؛ ما قاد إلى ظهور الدور المحوري لليوان الصيني في النظام المالي الروسي.
ومع ذلك تُسهم الجاذبية المحدودة للروبية الهندية، مقارنة باليوان، في تعقيد الأمور.
فهناك قيود مفروضة على تحويل الروبية خارج الهند، وتستلزم المبادلات الكبيرة موافقة الهيئة التنظيمية في الهند.
ورغم هذا؛ فإن البنوك الروسية الكبيرة تتبنّى حسابات “فوسترو” في البنوك الهندية المعتمدة، لتسهيل المعاملات.
ومع ذلك يعاني هذا النظام بعض القصور ، خصوصًا أن عدد المصدرين الهنود محدود.
ويعرض الخبراء حلًا في هذا الخصوص؛ إذ يقترحون على البنوك الروسية أن تفتح حسابات “فوسترو” في البنوك الهندية؛ ما يضمن سيولة كافية بالروبل الروسية لتحويلها إلى روبية.
وما يُسلط الضوء على معضلة العملة أن هناك مصافي معينة تختار عملات بديلة مثل اليوان عندما تتردد البنوك في تيسير المعاملات التجارية القائمة على الدولار الأميركي.
وما يُعضدد هذه الرواية هو أن وكالة “آر بي سي” الموثوقة قد قالت إن شركة النفط الهندية “إنديان أويل” لم تكن وحدها في تلك المساعي.
وتؤكد الوكالة ذاتها أن اثنتين من 3 مصافٍ هندية خاصة قد اختارت إستراتيجية الدفع نفسها.
ويُعزز هذا الإجماع المتنامي على أن عملة اليوان الصيني تزداد أهمية في تجارة النفط بين روسيا والهند.
هشاشة الاقتصاد الروسي
بينما تسلط قدرة روسيا على التعامل باليوان الضوءَ على مرونتها ضد التحديات ذات الصلة بالعقوبات الغربية المفروضة على موسكو، يبدو اقتصادها في وضع صحي هش.
فمنذ مايو/أيار (2023)، تصارع روسيا أزمة سيولة حادة، مع هبوط إيراداتها من النفط والغاز بنسبة 45% على أساس سنوي، لتستقر عند 1.64 تريليون روبل.
في غضون ذلك شهدت روسيا استنزافًا في احتياطاتها من الروبل؛ ما يعزى -أساسًا- إلى إنفاقها العسكري المتزايد.
لكن تسد موسكو تلك الفجوة عبر فرض ضرائب على أقطاب النفط في روسيا.
وصار هذا التحول في مدفوعات اليوان ملحوظًا بدءًا من شهر أبريل/نيسان (2023) فصاعدًا؛ حينما تخطى اليوان الدولار، بوصفه عملة التجارة الرئيسة لروسيا.
ومع ذلك يسلط الخبراء الضوء على التحديات والفرص المحتملة المتضمنة في هذا التحول إلى استعمال اليوان.
فعلى سبيل المثال فإنه بينما يمكن أن يعمل اليوان وسيطًا لتسوية المعاملات في تجارة النفط بين روسيا والهند؛ فإن استغلال الأخيرة للعملة الصينية ربما يكون مقيدًا بعوامل جيوسياسية، ولا سيما بالنظر إلى للتوترات القائمة بين نيودلهي وبكين بسبب خلافات على الحدود.
وربما يبرز حل بديل يكمن في خفض العجز التجاري مع روسيا.
فمن الممكن أن تغري الهند روسيا على نقل استثماراتها إلى مشروعات الطاقة الهندية أو السندات الحكومية؛ ما يدعم التعاون الاقتصادي والنمو المشترك.
وبينما يشهد اليوان صعودًا كبيرًا، لم تقتصر الشركات الهندية على استعماله.
ففي تجارتها مع روسيا، بدأت تلك الشركات –أيضًا- في استعمال الدرهم الإماراتي، ما يُسهم في تعزيز حافظتها من العملات.
الدرهم الإماراتي حاضر
رغم هذا الميول التفضيلي إلى اليوان؛ فقد أعربت الحكومة الهندية عن تحفظاتها.
وأوصى المسؤولون الهنود، مستشهدين بالتوترات الجيوسياسية المستمرة مع الصين، بضرورة تجنب التجار والبنوك استعمال العملة الصينية.
وبدلًا من ذلك لم يخَف هؤلاء التجار وهذه البنوك تفضيلاتهم للدرهم الإماراتي في تسوية المدفوعات في تجارة النفط بين روسيا والهند.
وفي تحرك رائد لتعزيز المعاملات السلسة العابرة للحدود، أسست الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة نظام تسوية العملة المحلية “إل سي إس إس” LCSS.
وتدعم هذه الخطوة البارزة التي اتُخذت في أثناء الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى أبوظبي، الاستعمال المتزايد للروبية الهندية والدرهم الإماراتي في التجارة العالمية.
ويغطي “إل سي إس إس” كل معاملات الحساب الجاري، ومعاملات حساب رأس المال المعتمد.
ويمكن هذا النظام المصدرين والمستوردين -على حد سواء- من التعامل بعملاتهم الأصلية، ومن ثم دعم نمو سوق الفوركس القائم على الروبية الهندية والدرهم الإماراتي.
ويؤدي هذا النظام إلى خفض في تكاليف المعاملات، كما أنه يسرع أوقات التسوية؛ ما يتيح ميزة خاصة للحوالات المالية الهندية في الإمارات.
وعلاوة على ذلك تدرس الهند استعمال تلك الآلية في تمويل وارداتها، من بينها النفط، من الإمارات، رابع أكبر مورد طاقة لنيودلهي، خلال العام المالي 2022-2023.
وفي جانب آخر مهم من هذه الشراكة، منحت السلطات المصرفية في كلتا الدولتين الضوء الأخضر لدمج واجهة المدفوعات الموحدة الهندية “يو بي آي” مع منصة المدفوعات الفورية “آي بي بي” في الإمارات.
وهذا الاندماج يشتمل كذلك على تعاون بين نظام مقسم الإمارات الإلكتروني UAESWITCH وبرنامج البطاقات”رو باي” في الهند.
ويضمن هذا الاتحاد للمستخدمين عبر كلا البلدين أداء الحوالات المالية السريعة الآمنة والاقتصادية عبر الحدود.
كما يُمهد هذا الاتحاد الطريق أمام التعرف المتبادل على البطاقات، وتبسيط العمليات المتضمنة في معاملة البطاقات.
وحصلت تلك السلاسل من مذكرات التفاهم على موافقة من محافظي بنك الاحتياطي الهندي والبنك المركزي الإماراتي.
كما يستكشف كلا البلدين إمكان ربط نظام إرسال الرسائل النصية المالية المهيكلة في الهند بنظام إرسال رسائل الدفع في الإمارات.
وتستهدف الهند هنا استحداث إستراتيجيات تعوض التقلبات في أسعار الصرف في المعاملات التجارية القائمة على الروبية؛ ما يحمي المصدرين من الانحرافات المالية.
ولعل أحد الجوانب الحاسمة في الإستراتيجية المالية للهند هو الدفع نحو المعاملات التي تتمحور حول الروبية.
وتعزى هذه الخطوة إلى رؤية نيودلهي الأوسع لتدويل الروبية، بهدف تقليص الطلب السائد على الدولار.
ويحرص العديد من اللاعبين العالميين؛ من بينهم روسيا وبعض الدول الأفريقية ودول الخليج وسريلانكا وبنغلاديش، على التداول بفئات الروبية.
ولتعزيز هذه الرؤية، يعمل بنك الاحتياطي الهندي بقوة على إقناع البنوك المحلية بتسهيل التسويات التجارية بين الإمارات العربية المتحدة والهند، باستعمال الدرهم أو الروبية الهندية.
وعلى هذه الخلفية، تواصل الهند اعتمادها على الدولار في الجزء الأكبر من مدفوعاتها مقابل وارداتها النفطية من روسيا.
ويُنفذ جزء صغير فقط من تلك المدفوعات عبر مجموعة من العملات التي تشمل الدرهم الإماراتي واليوان الصيني.
* فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply