قررت شركة بي بي البريطانية (BP) إعادة التركيز مرة أخرى على استثمارات النفط والغاز، والتخفيف من التوجه نحو الطاقة المتجددة، في خطوة من شأنها أن تلقى اعتراضات من قبل دعاة تغير المناخ.
ووفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، قرر الرئيس التنفيذي الجديد لعملاقة النفط البريطانية موراي أوشينكلوس تجميدًا للتوظيف، وأوقف مؤقتًا مشروعات الرياح البحرية الجديدة، مع التركيز المتجدد على النفط والغاز.
يأتي التوجه الجديد من شركة بي بي البريطانية وسط استياء المستثمرين من إستراتيجية التحول في مجال الطاقة، التي هددت موارد شركات النفط العالمية وأرباحها.
تأتي الخطوات الجديدة جزءًا من قرار أوشينكلوس بإبطاء الاستثمارات في المشروعات ذات الميزانيات الكبيرة ومنخفضة الكربون، وخاصة في مجال طاقة الرياح البحرية، التي من غير المتوقع أن تولّد موارد مالية للشركة لسنوات قادمة.
إستراتيجية بي بي
تمثّل التغييرات تحولًا صارخًا عن الاتجاه الذي اتخذه الرئيس التنفيذي السابق لشركة بي بي البريطانية برنارد لوني للتحرك بسرعة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إذ أثّر ذلك بأسهم الشركة مع انكماش العائدات من مصادر الطاقة المتجددة، في حين ارتفعت أرباح النفط والغاز في أعقاب جائحة كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا.
وأعادت عملاقة النفط البريطانية تعيين عشرات الأشخاص المكلّفين بتحديد فرص جديدة للطاقة المتجددة في مشروعات جارية بالفعل، مثل طاقة الرياح البحرية في بريطانيا وألمانيا.
وأعطى موراي أوشينكلوس والمديرة المالية كيت طومسون الأولوية للاستثمار، وحتى الاستحواذ على أصول نفط وغاز جديدة، وخاصة في خليج المكسيك وأحواض النفط الصخري في الولايات المتحدة، إذ تمتلك بي بي عمليات كبيرة.
كما ستنظر شركة بي بي البريطانية بالاستثمار في الوقود الحيوي وبعض الشركات منخفضة الكربون التي يمكنها توليد عوائد في الأمد القريب.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، وافقت بي بي البريطانية على شراء حصة شركة “بونغ” لتجارة الحبوب البالغة 50% في المشروع المشترك للسكر والإيثانول البرازيلي، مقابل 1.4 مليار دولار.
الطاقة المتجددة
من المتوقع أيضًا إجراء بعض التخفيضات في الوظائف في قطاع الطاقة المتجددة، رغم عدم تحديد أهداف محددة، إذ فرضت أن بي بي تجميدًا على التوظيف في جميع أنحاء الشركة، مع استثناءات قليلة فقط، بما في ذلك أفراد الخطوط الأمامية وموظفي السلامة.
ووعد أوشينكلوس باتّباع نهج عملي منذ تولّيه المنصب في يناير/كانون الثاني، بعد 4 أشهر من استقالة لوني بسبب فشله في كشف علاقاته مع الموظفين.
في شهر مايو/أيار، أعلن موراي أوشينكلوس حملة لخفض التكاليف بقيمة 2 مليار دولار بحلول نهاية عام 2026، مقارنة بعام 2023، كما خفضَ فريق القيادة التنفيذية من 11 إلى 10 أعضاء.
وقالت شركة بي بي البريطانية في بيان، إن أوشينكلوس قدّمت 6 أولويات “لتحقيق أداء أيسر وأكثر تركيزًا وأعلى قيمة”، حسبما ذكرت رويترز.
وتتضمن الأولويات التركيز على الأعمال وتحقيق “الموجة التالية من الكفاءات ومشروعات النمو الخاصة بشركة بي بي”.
وقالت الشركة في بيانها: “إن الإجراءات التي نتخذها هي جزء من تحقيق هذا الهدف، وبالطبع، كلّها تصبّ في خدمة هدفنا المتمثل بزيادة قيمة بي بي”.
وكان أبرز التعيينات الخارجية البارزة التي قامت بها شركة النفط البريطانية تحت قيادة لوني هي أنيا إيزابيل دوتزينراث، الرئيسة السابقة لشركة RWE Renewables، التي انضمت في عام 2022 لقيادة قسم الطاقة المتجددة والغاز، لكنها استقالت لأسباب شخصية في أبريل/نيسان.
ومن المتوقع أن يركّز خليفتها، المدير التنفيذي المخضرم في شركة بي بي ويليام لين، بشكل أكبر على عمليات الغاز، عندما يتولى منصبه في الأشهر المقبلة.
أسهم بي بي
سجلت أسهم بي بي البريطانية أداء أضعف من أداء منافسيها في الأشهر الأخيرة، مما أثار التكهنات بأنها قد تكون هدفًا للاستحواذ.
وأدى ذلك إلى زيادة الضغوط على موراي أوشينكلوس، وهو يسعى إلى طمأنة المستثمرين الذين يحاولون التوفيق بين الحاجة إلى إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي والطلب المتزايد على الوقود الأحفوري في الأمد القريب.
وأنفقت بي بي 2.5 مليار دولار على الطاقة المتجددة والهيدروجين وشحن السيارات الكهربائية والوقود الحيوي في عام 2023، من إجمالي الإنفاق الرأسمالي البالغ 16 مليار دولار.
تُعَدّ بي بي شركة النفط الكبرى الوحيدة التي حددت أهدافًا لخفض إنتاج النفط والغاز، وفي العام الماضي، غيّرت شركة شل إستراتيجيتها للتركيز على الأعمال ذات العائد المرتفع، وقلّصت استثماراتها في العديد من مشروعات الطاقة المتجددة والطاقة المنخفضة الكربون.
وفي فبراير/شباط 2023، أبطأت شركة بي بي تعهّدها الأساس بخفض إنتاج النفط والغاز بين عامي 2019 و2030 من 40% إلى 25%، كما أبقت على أهدافها المتعلقة بالطاقة المتجددة بحلول عام 2030، بما في ذلك تطوير 10 غيغاواط من القدرة المركبة.
وفي الشهر الماضي، خفّف أوشينكلوس من لهجته بشأن هدف 2030، وفي إشارة أخرى إلى التغيير، عيّنت شركة بي بي العديد من الموظفين الجدد في فريق الاستكشاف التابع لها، والذي يرأسه بريان ريتشي منذ مايو/أيار، في محاولة لتجديد احتياطياتها من أجل الحفاظ على الإنتاج، بل حتى زيادته.
وتُخصّص شركة بي بي أيضًا المزيد من رأس المال والقوى العاملة لتطوير حقول جديدة مثل اكتشافات كاسكيدا وتيبر وجيلا في خليج المكسيك.
وفي الأسابيع الأخيرة، أصلحت الشركة قسم الدمج والاستحواذ، من خلال دمجه مع قسم تطوير الأعمال، بقيادة سام سكيري.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قالت شركة بي بي، إنها تمتلك 18 مليار برميل من النفط المكافئ من الموارد، تُمثّل 20 عامًا من إنتاجها الحالي، ويمكن تطويرها للحفاظ على مستوى إنتاجها لعام 2022 ضمن هدف العائدات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply