شهدت أسعار الوقود في السويد انخفاضًا ملحوظًا على مدار الـ10 سنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي كان من المفترض أن يكون عاملًا إيجابيًا لأداء الحكومة، التي تسعى إلى خفض انبعاثات قطاع النقل.
إلّا أن هذا الانخفاض قابله ارتفاع في أسعار وسائل النقل العام، ما تسبَّب في إفشال خطط الحكومة المناخية، التي كانت تستهدف إبعاد المواطنين عن قيادة سياراتهم الخاصة والتحوّل إلى المواصلات العامة.
ووفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، زادت أسعار وسائل النقل العام أكثر من أسعار الوقود في السنوات الـ10 الماضية.
انخفاض أسعار الوقود في السويد
خلال 10 سنوات، ارتفع سعر البنزين بنحو 30%، لكن التضخم في البلاد كان أعلى في الوقت نفسه؛ لذا بالمقارنة، انخفض سعر البنزين والديزل بشكل أسرع.
وارتفعت أسعار وسائل النقل العام بشكل أكبر بكثير من معدل التضخم، إذ بلغت نحو 42% خلال 10 سنوات.
وفي العام الماضي (2023)، انخفضت أسعار البنزين والديزل في السويد، عندما خُفضت الضرائب، وفي الوقت نفسه، رفع العديد من المناطق أسعار وسائل النقل العام إلى مستوى قياسي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن قناة “إس في تي” المتلفزة (SVT).
على سبيل المثال، أصبحت البطاقة الشهرية في مقاطعة كرونوبيرغ أكثر تكلفة بنسبة 15% في مطلع العام الجاري (2024)، كما ارتفعت التذاكر الفردية في أوبسالا بنسبة 18%، في حين رفعت منطقة أوريبرو جميع الأسعار بنسبة 10%.
وفي استطلاعات الرأي التي أجرتها وسائل النقل العام السويدية، أجاب عدد متزايد من السويديين بأن الأسعار المرتفعة هي سبب حاسم لاختيار عدم استعمال وسائل النقل المحلية، لكن الطرق الجيدة والرحلات المتكررة تُعدّ أكثر أهمية.
ويسلّط السياسيون الضوء على أن سائقي السيارات يتحملون تكاليف أخرى، مثل مواقف السيارات والإصلاحات التي تجعل القيادة باهظة الثمن.
ولكن بالنسبة لكل من لديه سيارة، فإن التكلفة الإضافية لرحلة أخرى غالبًا ما تكون غير مرتفعة إلى هذا الحدّ.
الحكومة تتنصل من المسؤولية
تلقّت وسائل النقل العام دعمًا مخفضًا من الحكومة الحالية، وفي الوقت نفسه، استثمرت 13 مليار كرونة سويدية (1.2 مليار دولار) في خفض الضرائب على الوقود وزيادة خصومات السفر.
ويعتقد وزير البنية التحتية أندرياس كارلسون أن وسائل النقل العام باهظة الثمن بشكل متزايد ليست مسؤولية الحكومة.
وقال: “يمكن أن يكون السعر قضية مهمة، ولكن هذه مسؤولية المناطق، وليس من وظيفتي أن يكون لديّ آراء حول هذا الأمر”، وفق ما نقلته قناة “إس في تي” السويدية.
وتابع: “لا أضع أنواعًا مختلفة من حركة المرور في مواجهة بعضها بعضًا.. هناك العديد من الطرق للسفر بشكل أكثر ذكاءً مناخيًا، حتى بالسيارة”.
ويتحدث الوزير كثيرًا عن أولئك الذين يعتمدون على السيارات، ويدافع عن أن الحكومة استثمرت 12 مليار كرونة سويدية (1.1 مليار دولار) في تخفيض الضرائب على الوقود الأحفوري، و1.6 مليار كرونة سويدية (147 مليون دولار) في خصومات السفر.
(الكرونة السويدية= 0.092 دولارًا أميركيًا)
وأضاف: “يُعدّ خفض التكلفة لأولئك الذين يعتمدون على السيارات جزءًا مهمًا من أداء السويد”.
ولكن لم يوضح كارلسون ما يعادل خفض التكلفة بالنسبة لأولئك الذين يعتمدون على الحافلات ووسائل النقل العام للذهاب إلى العمل والرحلات الأخرى، إذ ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ.
وبدلًا من ذلك، تعمل الحكومة على خفض الدعم الذي تبلغ قيمته مليار دولار للاتفاقيات البيئية الحضرية، الداعمة للبلديات التي تستثمر في النقل العام.
وأوقفت الحكومة أيضًا خصمًا جديدًا للسفر من شأنه أن يمنح الإعفاء الضريبي نفسه لأولئك الذين يختارون الحافلة أو القطار، مثل أولئك الذين يقودون سياراتهم إلى العمل.
ارتفاع تكلفة وسائل النقل العام
في مثال واضح، عندما غيّرت شركة دالاترافيك (Dalatrafik) نظام الأسعار الخاص بها، كانت مايا إنغبرغ واحدة من أولئك الذين وجدوا أن السفر بوسائل النقل العام أكثر تكلفة بكثير؛ إذ تبلغ تكلفة تذكرة المرور السنوية الآن أكثر من ضعف ما كانت عليه من قبل.
تتنقل “مايا إنغبرغ” بالحافلة بين مقاطعتي إنفيكن وفالون نحو 3 مرات في الأسبوع، وقد اشترت تذكرة سنوية للحافلة، لأسباب بيئية جزئيًا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن تقرير نشرته قناة “إس في تي” المتلفزة.
وفي 1 مارس/آذار 2024، أطلقت شركة دالاترافيك نظام الأسعار والمناطق الجديد؛ ويعني هذا التغيير أنها أصبحت أرخص على بعض الطرق، وأكثر تكلفة على طرق أخرى.
بالنسبة لمايا، أدى هذا التغيير إلى زيادة كبيرة في تكاليف السفر، من نحو 4 آلاف و700 كرونة سويدية (432 دولارًا) إلى 11 ألفًا و500 كرونة سويدية (1056 دولارًا) للتذكرة السنوية.
وإذا أرادت الاستمرار في شراء البطاقات الشهرية باستمرار، فستكون التكلفة في عام واحد أعلى، لتصل إلى 14 ألفًا و400 كرونة سويدية (1322 دولارًا).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply