يبدو أن الأسعار المغرية التي جذبت الهند لشراء النفط الروسي قد شجعت نيودلهي على السعي إلى المزيد من التخفيضات مقابل الإمدادات من دول أخرى.
وقد أدى تركيز الهند على اقتناص كميات متزايدة من النفط الروسي إلى انخفاض مماثل في الواردات من الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لكنه انخفاض في النسبة وليس الحجم، كما تروّج بعض وسائل الإعلام الغربية.
وكانت روسيا وما تزال أكبر مورّد للنفط إلى الهند في يوليو/تموز، تليها العراق والمملكة العربية السعودية، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وبدأت شركات التكرير الهندية -التي تعمل على تنويع مصادر وارداتها النفطية لخفض التكاليف- شراء النفط الروسي بسعر مخفض، بعد توقّف بعض الغرب عن الشراء من موسكو في أعقاب غزوها أوكرانيا مطلع عام 2022.
إلّا أن واردات الهند من النفط الروسي قد تنخفض أكثر في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، مع تخطيط مصافي التكرير للصيانة، ومع ارتفاع أسعار الخام الروسي فوق سقف 60 دولارًا للبرميل الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة الـ7.
واردات الهند من النفط العراقي
قال العديد من المسؤولين والمسؤولين التنفيذيين في الصناعة، إن العراق -وهو أكبر مصدّر للنفط إلى الهند- يريد مناقشة مستوى التخفيضات المتوقعة من شركات التكرير الهندية، بحسب ما نقلته منصة “بيزنس ستاندرد” (Business Standard).
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها، إن الهند ستبحث قريبًا مع كل من العراق والإمارات سبلَ الحصول على معدل خصم للنفط الخام، مماثل لما تحصل عليه نيودلهي من روسيا.
في العام الماضي (2022)، عرضت بغداد النفط بأسعار أقلّ من روسيا في يونيو/حزيران، من خلال توريد مجموعة من خاماتها التي تكلّفت -في المتوسط- 9 دولارات للبرميل أقلّ من الخام الروسي.
واستمر هذا الاتجاه حتى فرضت دول مجموعة الـ7 حدًا أقصى لسعر برميل النفط الروسي قدره 60 دولارًا في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، بالتزامن مع فرض حظر منفصل على شحنات الخام الروسية المنقولة بحرًا من قبل دول الاتحاد الأوروبي.
وبعد أن أصبحت موسكو في مأزق، عرضت أسعارًا أكثر تنافسية للاحتفاظ بتدفّق مستمر من النفط الخام إلى مشترين جدد مثل الهند والصين، في محاولة للتعويض عن الكميات المفقودة التي كانت تذهب في وقت سابق إلى أوروبا.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إيرادات صادرات النفط الروسي، منذ يناير/كانون الثاني 2022 حتى يوليو/تموز 2023:
حتى دون حجة السعر، يشعر المسؤولون بضرورة توفير إمدادات مستقرة من النفط الخام من خارج منطقة غرب آسيا.
وقال مسؤول هندي: “على الرغم من أن واردات النفط من العراق ظلّت الدعامة الأساسية لمشترياتنا، نظرًا للتعقيدات العالمية والوضع الداخلي المضطرب في العراق، فإن الهند بحاجة إلى آليات بديلة”.
وتُعدّ سلسلة درجات تصدير خام البصرة العراقي جذابة للمصافي الهندية التي حُدِّثَت، كما أنها ذات قيمة كبيرة لإنتاج سلع مثل الديزل.
وبجزء من الإصلاح الشامل المخطط له منذ مدّة طويلة لخاماته النفطية، رفع العراق خلال العام الماضي (2022) درجة توافر خامي البصرة المتوسط والثقيل -الأرخص نسبيًا من خام البصرة الخفيف- المناسبين للمصافي الهندية المحدَّثة.
واردات الهند من النفط الروسي
انخفضت واردات الهند من النفط الروسي بشهر يوليو/تموز 2023 للمرة الأولى في 9 أشهر، في حين تراجعت الشحنات الواردة من السعودية إلى أدنى مستوياتها في عامين ونصف بعد تخفيضات تحالف أوبك+.
وأظهرت بيانات الناقلات أن واردات النفط الروسي انخفضت 5.7% إلى 1.85 مليون برميل يوميًا، في الشهر الماضي، وتراجعت الشحنات السعودية 26% إلى 470 ألف برميل يوميًا، بحسب الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة، نقلًا عن وكالة رويترز.
وأظهرت البيانات أنه على الرغم من خفض الواردات من السعودية، فإن حصة نفط أوبك في إجمالي واردات الهند من الخام في يوليو/تموز ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ مارس/آذار، بسبب زيادة استهلاك النفط من العراق والإمارات العربية المتحدة ونيجيريا.
وفي المدّة من إبريل/نيسان إلى يوليو/تموز، وهي الأشهر الـ4 الأولى من هذه السنة المالية، ظلّت حصة أوبك من واردات الهند عند أدنى مستوياتها خلال الأعوام الـ22 الماضية على الأقل.
وأظهرت بيانات الناقلات أن إجمالي واردات الهند انخفض أيضًا 5.2% مقارنة مع يونيو/حزيران إلى 4.4 مليون برميل يوميًا من النفط في يوليو/تموز، مع إغلاق العديد من مصافي التكرير للصيانة خلال موسم الرياح الموسمية.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات الهند من النفط الخام، منذ مطلع عام 2021 حتى يوليو/تموز 2023:
واردات الهند من النفط الإماراتي
في الوقت نفسه، وصلت واردات الهند من النفط الإماراتي إلى مستوى قياسي بلغ 16.8 مليار دولار في 2022-2023، ارتفاعًا من 12.3 مليار دولار في العام السابق.
وهو ما جعل الإمارات رابع أكبر مصدّر للنفط الخام للهند في السنة المالية 2023، بعد أن تراجعت مركزًا واحدًا عن السنة المالية 2022 بسبب ظهور خام الأورال الروسي في السوق الهندية.
وفي الشهر الماضي، وقّع بنك الاحتياطي الهندي والبنك المركزي الإماراتي اتفاقية لتسوية التجارة بالعملة المحلية؛ ما يتيح استعمال الروبية والدرهم الإماراتي في المعاملات عبر الحدود.
ويأتي التحول إلى السداد بالدرهم الإماراتي، بسبب مطالبة الحكومة مصافي التكرير -التي ترغب في الدفع بالدولار مقابل النفط الروسي- بتقديم تفصيل لتكاليف النفط والشحن والتأمين، ما يسمح له بمعاينة التداول وتجنّب انتهاك سقف الأسعار.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply