يواجه قطاع النفط في جنوب السودان تهديدًا خطيرًا بوقف تدفق الشحنات إلى الخارج وعمليات التكرير، بسبب الحرب المستعرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حاليًا.
وتمتلك دولة جنوب السودان ثالث أكبر احتياطيات نفطية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بعد أنغولا ونيجيريا، لكنها تعتمد على السودان الذي انفصلت عنه في عام 2011، لبيع نفطها عبر شبكة خطوط الأنابيب ومصافي التكرير والمواني، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ومؤخرًا، تصاعدت حدة التوترات العسكرية، ما أسفر عن تدمير مصفاة الجيلي أكبر مصفاة نفط في السودان، ما تسبب في إعادة توجيه 28 ألف برميل يوميًا بعيدًا عن المصفاة إلى بورتسودان.
ولذلك، دعا وزير سابق إلى حل الأزمة التي تهدد بوقف العمليات النفطية وتعطيل تدفقات الخام الذي يُعد شريان الحياة لجنوب السودان.
تدمير مصفاة الجيلي
منذ اندلاع شرارة الحرب في السودان في العام الماضي (2023)، تعرضت مصفاة الجيلي التي تبعد 70 كيلومترًا إلى الشمال من عاصمة البلاد الخرطوم، لهجمات متكررة.
وسيطرت قوات الدعم السريع على المصفاة بقدرة 100 ألف برميل يوميًا لأول مرة في شهر أبريل/نيسان، وكانت تستعملها في تزويد قواتها بالوقود، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
وخلال شهر فبراير/شباط الجاري (2024)، وقعت المصفاة تحت حصار الجيش السوداني الذين شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق، لاستعادة السيطرة على مواقع رئيسة سقطت بيد قوات الدعم السريع التي تسيطر على معظم العاصمة ومنطقة دارفور غربًا.
وأظهرت مقاطع فيديو منشورة على وسائل مواقع التواصل الاجتماعي منذ 28 يناير/كانون الثاني، العشرات من المركبات العسكرية والجنود يتقدمون نحو المصفاة بعد أيام من سيطرة الجيش على مدينة الخرطوم بحري في ولاية الخرطوم.
وعلى مدار الأشهر الـ10 الماضية، تبادل الطرفان مسؤولية اندلاع انفجارات وحرائق بالمصفاة الرئيسة، وأدانت قوات الدعم السريع “القصف المتعمد” للمصفاة من قبل قوات الجيش يوم السبت 3 فبراير/شباط.
وتقول كبيرة المحللين في شركة “إس-آر إم” لاسشارات الذكاء والأمن السيبراني العالمي ومقرها لندن (S-RM)، زينب حسين، إن مصفاة الجيلي هي أكبر مصفاة لتكرير النفط في السودان، وتصل قدراتها الإنتاجية إلى 100 ألف برميل يوميًا، وتستهدف بصورة رئيسة تلبية الاستهلاك المحلي من الوقود.
وأضافت: “من المحتمل أن يكون للأضرار أثر طويل المدى في قدرة السودان على تكرير وقوده الخاص وسد النقص في السوق المحلية”.
وتابعت: “رغم أن الأضرار التي أصابت الجيلي ربما تقلل احتياطيات الوقود لدى قوات الدعم السريع، فإنه من غير المحتمل أن توقف مجمل عمليات المجموعة (قوات الدعم) بسبب سيطرتها على مرافق نفطية ضخمة أخرى في البلاد، وقدرتها عى الحصول على الوقود من شركائها بالخارج”.
إنتاج النفط في جنوب السودان
تقول بيانات حكومية، إن النزاع الدائر في السودان لم يؤثر حتى الآن في حجم إنتاج جنوب السودان من النفط.
وفي يناير/كانون الثاني المنصرم، بلغ حجم الإنتاج 152 ألفًا و819 برميلًا يوميًا، ارتفاعًا من 143 ألفًا و219 برميلًا يوميًا في شهر ديسمبر/كانون الأول السابق له.
وتسيطر شركة دار للعمليات النفطية على معظم عمليات إنتاج النفط في جنوب السودان، وتحمل شركة سينوبك الصينية (Sinopec) حصة 41% من الأسهم، وشركة بتروناس الماليزية (Petronas) %40.
وحافظت الشركات على إنتاج أكثر من 100 ألف برميل يوميًا من النفط منذ بداية العام الجديد (2024)، وفق بيانات وزارة النفط.
يوضح الرسم البياني التالي -أعدته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج النفط في جنوب السودان حتى 2021:
وكان يجري تكرير 28 ألف برميل يوميًا في مصفاة الجيلي، لكن بسبب العنف في العام الماضي جرى إعادة توجيه ذلك الإنتاج إلى بورتسودان، وفق تصريحات وزير النفط السابق في جنوب السودان إيزيكيل لول جاتكوت.
ولذلك، حذّر من أن اعتماد صادرات جنوب السودان من النفط على السودان لتوصيل الشحنات إلى السوق، يضع الصناعة المهمة لخزينة الدولة في موضع خطر.
وأضاف: “يجب على جمهورية جنوب السودان إشراك قادة السودان جميعهم للتأكد من عدم وقف تدفقات النفط والعمل أيضًا لإحلال السلام في السودان في أقرب وقت ممكن”.
وتابع: “مثار القلق الأكبر هو الإغلاق الكامل للعمليات النفطية في جنوب السودان”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply