يشكّل الصراع على منصب وزير النفط الليبي حلقة جديدة من مسلسل الانقسام الذي يضرب الدولة صاحبة أكبر احتياطيات من النفط الخام في أفريقيا، والممتد منذ نحو 13 عامًا.
ورغم إعلان وزير النفط والغاز في ليبيا محمد عون عودته لمباشرة عمله قبل نحو أسبوع، فإن الواقع يشير إلى استمرار أزمة الانقسام في ظل مواصلة خليفة عبدالصادق عمله داخل ديوان الوزارة وزيرًا مكلفًا، وفق معلومات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
تعود تفاصيل الأزمة إلى يوم الثلاثاء 26 مارس/آذار (2024)، عندما أصدرت هيئة الرقابة الإدارية قرارًا بإيقاف وزير النفط الليبي محمد عون عن العمل، بسبب ما وصفته بـ”ارتكاب مخالفات قانونية أضرّت بالمصلحة العامة للدولة”.
وبعد ساعات من قرار إيقاف عون -الذي نفى ارتكاب أيّ مخالفات- قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تكليف نائب وزير النفط عضو مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، خليفة عبدالصادق، بتصريف أعمال وزارة النفط.
وزيران في ديوان واحد
قالت مصادر مطّلعة في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إنه بعد انتهاء التحقيق مع عون ورفع الإيقاف عنه، أصبح من الطبيعي عودته للمنصب، لكن قبل ذلك لا بد أن يُلغي رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة قرار تكليف خليفة عبدالصادق، وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة.
وكانت هيئة الرقابة الإدارية قد أعلنت يوم 13 مايو/أيار 2024 رفع الوقف الاحتياطي عن وزير النفط الليبي محمد عون، بعد انتهائها من التحقيق معه وتبرئته مما نُسب إليه من مخالفات “لم تذكر الهيئة تفاصيلها”.
وعلى الرغم من التبرئة، فإن رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة يرفض عودة عون إلى مهام منصبه، إذ لم يردّ على مراسلات الوزير، الذي حاول التواصل معه بأكثر من طريقة.
ويسعى الدبيبة إلى إنهاء حقبة محمد عون، ويتمسك باستمرار خليفة عبدالصادق مكانه، في حين قال مصدر آخر، “رئيس الحكومة يخطط منذ مدة للإطاحة بالوزير عون، لكنه كان يتخوف من اتهامات بأنه يريد تمرير عدّة صفقات نفطية يرفضها عون”.
وجاء قرار الرقابة الإدارية بوقف “عون” احتياطيًا، في صالح رئيس الحكومة الذي “انتهز الفرصة”، حسب تعبير المصدر.
من يدير وزارة النفط؟
ما بين محمد عون وخليفة عبدالصادق، يدور العمل في أروقة وزارة النفط والغاز الليبية، إذ إن كلا المسؤولَين يبشاركان مهامهما من المبنى نفسه.
ويوم الثلاثاء الماضي، قطع وزير النفط الليبي محمد عون فترة الجمود التي كان ينتظرها منذ إلغاء قرار وقفه، معلنًا عودته لمباشرة مهام عمله، رغم عدم صدور قرار من رئيس الحكومة بإلغاء تكليف خليفة عبدالصادق.
ونشرت الصفحة الرسمية لوزارة النفط الليبية، التي يسيطر عليها الوزير محمد عون، بيانًا أشارت فيه إلى قرار هيئة الرقابة الإدارية برفع الوقف الاحتياطي وانتهاء التحقيق في 12 مايو/أيار 2024، وإخطار الحكومة بذلك، معلنة مباشرة محمد عون مهامه بديوان وزارة النفط والغاز.
وفي الوقت نفسه، واصل خليفة عبدالصادق مهامه بصفته وزيرًا مكلفًا، إذ شارك ممثلًا لحكومة الوحدة في اجتماع تحالف أوبك+ الذي عقد يوم الأحد الماضي 2 يونيو/حزيران.
ونشرت صفحة “حكومتنا” التابعة لحكومة الوحدة الوطنية تفاصيل مشاركة ليبيا ممثلةً في وزير النفط والغاز المكلف خليفة رجب عبدالصادق عبر تقنية الاتصال المرئي في الاجتماع الـ188 لوزراء النفط بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض، إلى جانب المشاركة في الاجتماع الـ37 لوزراء النفط بالمنظمة ووزراء الدول غير الأعضاء فيها داخل ما يُعرف بتحالف أوبك+.
وأكد عبدالصادق تمسُّك ليبيا بحصّتها في السوق النفطية لضمان إيرادات منتظمة للخزانة العامة، ودعمها في المقابل اتفاق التعاون الموقّع بين دول أوبك+، وكل ما من شأنه أن يعزز جهود استقرار السوق النفطية.
وفي اليوم التالي للاجتماع، الإثنين 3 يونيو/حزيران 2024، التقى النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة الدكتور “عمر العبيدي” بصحبة عدد من رؤساء اللجان الدائمة وأعضاء المجلس، وزير النفط والغاز محمد عون، في مقر المجلس.
وبارك المجلس الأعلى للوزير عون مباشرة عمله في الوزارة، ورفع الوقف الاحتياطي الصادر عن هيئة الرقابة الإدارية، وخلال الاجتماع جرى الاستماع إلى وزير النفط الليبي عن سير العمل داخل الوزارة، وكيفية تذليل الصعوبات التي تواجهها من أجل الحفاظ على قطاع النفط من الفساد وإهدار المقدّرات، إضافة إلى البحث في سبل النهوض بهذا القطاع الحيوي المتعلق بأهم مصادر الدخل للشعب الليبي.
يقول مصدر مطّلع في تصريحات إلى منصة الطاقة، إن هناك “تجاهلًا” من قبل الجهات والمسؤولين في التعامل مع محمد عون، إذ لا يريد أحد أن يُغضب الدبيبة أو يتجاهل تنفيذ تعليماته.
وأشار المصدر إلى أن الجهة الوحيدة الرسمية التي تعاملت مع عون منذ عودته، هي المجلس الأعلى للدولة، إذ التقى النائب الثاني لرئيس المجلس الدكتور عمر العبيدي، يوم الإثنين، وزير النفط محمد عون.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply