ارفعوا أيديكم عن صناعة النفط والغاز العالمية وعالجوا فقر الطاقة (مقال)

ارفعوا أيديكم عن صناعة النفط والغاز العالمية وعالجوا فقر الطاقة (مقال)

يبدو أن خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة -كما يقال في المثل- يطلقون الرصاص على أقدامهم بأنفسهم، دون أن يعلموا من خلال مهاجمتهم صناعة النفط والغاز.

مؤخرًا، فوجئتُ بعناوين الأخبار العالمية التي تفيد بأن خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أصدروا تحذيرًا لشركة أرامكو السعودية والمصارف الدولية التي تتعامل معها بشأن مساهمة الشركة الهائلة في أزمة المناخ -حسب ادّعائهم-.

إن هذا الاتهام الجائر وغير الواقعي، ليس فقط غير مدعوم بأيّ دليل، بل يناقض الواقع كون المملكة أقلّ دول العالم في انبعاثات غاز الميثان وأخفضها في كثافة الكربون المتعلقة بأعمالها النفطية، وأول دولة تتبنى اقتصاد الكربون الدائري وتتبنى إستراتيجية التشجير من خلال مبادرة المملكة الخضراء والشرق الأوسط الأخضر للحدّ من انبعاثات الكربون العالمية.

فقر الطاقة في العالم

يتناقض الاتهام أيضًا مع جهود الأمم المتحدة لخفض معدلات فقر الطاقة ورفع مؤشر التنمية البشرية العالمي اللذين يعتمدان بشكل كبير على النمو الاقتصادي الناجم عن استعمالات الطاقة المنتجة من صناعة النفط والغاز.

لقد نسي هؤلاء الخبراء تقرير الأمم المتحدة المنشور عام 2018 الذي يشير إلى وجود:

  • 620 مليون شخص في أفريقيا ليس لديهم كهرباء.
  • 730 مليون شخص في أفريقيا يعتمدون على الأشجار والحطب لأغراض الطهي، مما يسبب مشكلات صحية خطيرة في الجهاز التنفسي.
  • 75 مليون شخص حصلوا مؤخرًا على الكهرباء من المرجّح أن يفقدوا القدرة على دفع ثمنها بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
  • عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على الكهرباء في جميع أنحاء العالم بدأ بالارتفاع لأول مرة خلال العقدين الماضيين.

كما يتجاهل هؤلاء الخبراء الأرقام المروعة التي نشرتها الأمم المتحدة، والتي تُظهر أن نصيب الفرد من استعمال الطاقة في أفريقيا سيرتفع بمقدار وحدة واحدة فقط، لتصل إلى 20 غيغاجول للفرد بحلول عام 2040، أقلّ بنسبة 80% من الحدّ الأدنى العالمي للأمم المتحدة الذي تجاوزته دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

See also  أسعار النفط تنتعش من أدنى مستوياتها بفضل 4 عوامل (تقرير)

صناعة النفط والغاز

دور الوقود الأحفوري في التنمية

المعروف أن الدول المتقدمة قامت ببناء هذه البنية التحتية القوية للطاقة والاقتصاد خلال الـ100 عام الماضية باستعمال الوقود الأحفوري وفي مقدّمتها النفط والغاز.

علاوة على ذلك، نشرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة تقريرًا عام 2019، يوضح أن نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية في أفريقيا تقترب من 25% مقارنة بأقلّ من 2.5% في أميركا الشمالية.

ومن المؤسف أن هؤلاء الخبراء لا يعرفون أن 30% من الغذاء العالمي اليوم ينتج بوساطة الأسمدة المنتجة من الغاز الطبيعي.

ودعونا نتخيل أسعار الطاقة إذا بدأ إنتاج النفط والغاز العالمي في الانخفاض بسبب نقص الإمدادات نتيجة لمثل هذه الاتهامات الخاطئة التي قد تنجح في منع البنوك الدولية من دعم صناعة النفط والغاز حول العالم، وعندها سترتفع أسعار الطاقة ومؤشرات فقر الطاقة إلى أرقام غير مسبوقة.

هل يمكن التوقف عن استعمال الوقود؟

إذا كان هذا الاتهام حقيقيًا، فإنني أطلب من هؤلاء الخبراء البدء بأنفسهم والتوقف فورًا عن استعمال الوقود الأحفوري في حياتهم اليومية، وليعتمدوا على مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل كهرباء منازلهم، ويستعملوا الطاقة الشمسية وقودًا للطائرات التي يستعملونها لتنقلاتهم.

كما أحثّهم على تجربة العيش يومًا واحدًا دون المنتجات المتعلقة بالنفط والغاز، عندما يفعلون ذلك، ويثبتون للعالم نجاحهم في الاستغناء عن منتجات النفط والغاز، يمكننا أن نأخذ اتهاماتهم على محمل الجد.

أقول لهؤلاء الخبراء: لقد وضعت صناعة النفط والغاز العالمية، في مقدّمتها أرامكو السعودية، أهدافًا متعلقة بخفض معدلات صافي الانبعاثات، لتصل إلى الصفر بحلول عام 2050.

كما تهدف إستراتيجيات صناعة النفط والغاز العالمية إلى فرض التوازن بين:

  1. نمو الاقتصاد العالمي.
  2. خفض معدلات فقر الطاقة.
  3. ازدهار التنمية الاجتماعية.
  4. حماية البيئة.
See also  صناعة النفط الروسية بين الأزمات الجيوسياسية الحالية والمستقبل الصعب في 2024 (مقال)

وستستعمل الصناعة جميع أنواع الطاقة، وعلى رأسها النفط والغاز، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة والطاقة الهيدروجينية والنووية من خلال طرح مصطلح جديد بدلًا من مصطلح “تحول مصادر الطاقة”، يسمى “تطور مصادر الطاقة”، وهو: “استعمال خليط طاقة أنظف وأكثر كفاءة يشمل جميع مصادر الطاقة، مع وجود مسؤولية بيئية دولية شاملة، تتمحور حول مساعدة العالم على أن يصبح أكثر ازدهارًا اقتصاديًا، وتطورًا اجتماعيًا، ومحميًا بيئيًا”.

مع العمل على تحقيق هدف الوصول إلى مستوى الصفر تقريبًا في معدلات فقر الطاقة وانبعاثات الكربون والميثان بحلول عام 2050، وذلك باستعمال الحوار الفعال والتعاون الدولي والتكنولوجيا المتقدمة والبحث والتطوير وأفضل الممارسات الاجتماعية والبشرية.

هذه هي رحلتنا المثيرة لأولئك الذين يريدون الانضمام إلينا في مهمتنا النبيلة لتحقيق السعادة والرخاء للبشرية جمعاء.

* الدكتور سامي النعيم، الرئيس السابق للجمعية الدولية لمهندسي البترول.

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *