إيرادات النفط والغاز الروسية تتجاوز أرقام 2023.. ماذا بعد؟ (مقال)

إيرادات النفط والغاز الروسية تتجاوز أرقام 2023.. ماذا بعد؟ (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • • توقعات بزيادة ثابتة في إيرادات النفط والغاز عن مستواها الأساسي في الأشهر المقبلة
  • • منذ أواخر يونيو 2024 انخفض سعر النفط بأكثر من 10 دولارات
  • • في يونيو 2024 بلغت صادرات خام الأورال نحو 2.2 مليون برميل يوميًا
  • • الفائض المحتمل في المعروض العالمي من النفط قد يفاقم التوترات الجيوسياسية

في يونيو/حزيران الماضي، تجاوزت إيرادات النفط والغاز الروسية للموازنة الفيدرالية المستوى الأساسي للشهر الخامس على التوالي، إذ بلغت 747 مليار روبل (8 مليارات و964 مليون دولار).

وتحدّد وزارة المالية الروسية هذا المستوى الأساسي باستعمال سعر الحسم 60 دولارًا للبرميل من النفط. في شهر يونيو/حزيران الماضي، جرى تحديده عند 661 مليار روبل (7 مليارات و932 مليون دولار).

في المقابل، زادت إيرادات النفط والغاز الروسية بنسبة 41% مقارنة بشهر يونيو/حزيران 2023، وفقًا لأرقام الوزارة.

وترجع هذه الزيادة في أرقام إيرادات النفط والغاز الروسية، في المقام الأول، إلى ارتفاع أسعار النفط؛ إذ ارتفع سعر برميل خام الأورال بمقدار الربع خلال العام الماضي، من 53.5 دولارًا في مايو/أيار 2023 إلى 67.4 دولارًا في مايو/أيار 2024 (إذ جرى حساب الضرائب على أساس سعر النفط في الشهر السابق وسعر صرف الروبل).

(روبل روسي = 0.012 دولارًا أميركيًا)

انخفاض بسيط في أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط قليلًا مقارنة بالشهر السابق، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 6% في إيرادات النفط والغاز الروسية من مايو/أيار إلى يونيو/حزيران 2024، وفقًا لوزارة المالية الروسية.

وانخفضت ضريبة النفط والغاز الأساسية (ضريبة استخراج المعادن على النفط) بنسبة 8% إلى 1.024 تريليون روبل.

من ناحية ثانية، تقلّ إيرادات النفط والغاز الروسية الإجمالية عن تحصيلات ضريبة استخراج المعادن وحدها، بسبب التحويلات العائدة لشركات النفط من الموازنة، بهدف الحد من ارتفاع أسعار البنزين.

حقل جريميكينسكوي النفطي بالقرب من جبال الأورال في روسيا
حقل جريميكينسكوي النفطي بالقرب من جبال الأورال في روسيا – الصورة من رويترز

وانخفضت المدفوعات للشركات بموجب آلية تثبيط سعر الوقود من 202 مليار روبل في مايو/أيار إلى 158 مليار روبل، في حين زادت النفقات على إعانات مصافي النفط من 148 مليار روبل إلى 151 مليار روبل.

المدة بين يناير ويونيو

قدمت وزارة المالية الروسية تقديرًا أوليًا لتنفيذ الموازنة الفيدرالية للمدة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران 2024.

وبلغت الإيرادات لهذه المدة 17.093 تريليون روبل (200 مليار دولار)، في حين بلغ إجمالي النفقات 18.022 تريليون روبل (211 مليار دولار)، ما أدى إلى عجز في الموازنة قدره 929 مليار روبل (0.5% من الناتج المحلي الإجمالي).

وارتفعت إيرادات الموازنة باستثناء النفط والغاز لهذه المدة بنسبة 26.6% على أساس سنوي إلى 11.395 تريليون روبل.

بدورها، ارتفعت الإيرادات من ضرائب المبيعات، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، بنسبة 17.6% من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران، متجاوزة المستوى المخطط له، وتشكّل الأساس لنمو الإيرادات المتسارع.

وبلغت إيرادات النفط والغاز الروسية نحو 5.698 تريليون روبل (66.5 مليار دولار)، متجاوزة أرقام العام الماضي بنسبة 68.5%.

See also  Geopolitical Dimensions in the Energy Sector of the Strategic Alliance between Iran and Venezuela (Article)

وترجع هذه الزيادة إلى حد كبير لارتفاع أسعار النفط الروسي، حسبما أشار التقدير الأولي لوزارة المالية. وتتوقع الوزارة زيادة ثابتة في إيرادات النفط والغاز الروسية عن مستواها الأساسي في الأشهر المقبلة، وفقًا لتوقعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وتؤكد الوزارة أن الموازنة الفيدرالية (27%+ على أساس سنوي)، ونظام الموازنة الإجمالي (24%+ على أساس سنوي)، يُظهران ديناميكيات إيجابية ثابتة في الإيرادات الرئيسة غير النفطية والغازية.

ومؤخرًا، اعتمد مجلس الدوما تعديلات على الموازنة الفيدرالية لعام 2024 في القراءتين الثانية والثالثة، ووفقًا لهذه التعديلات، ستزيد نفقات الموازنة لهذا العام بمقدار 522 مليار روبل، لتصل إلى 37.182 تريليون روبل.

وجرى حساب هذه المعايير الجديدة بناءً على توقعات الناتج المحلي الإجمالي البالغة 191.437 تريليون روبل ومعدل تضخم 5.1%. في السابق، كان الناتج المحلي الإجمالي المتوقع 179.956 تريليون روبل (2.07 تريليون دولار)، بمعدل تضخم 4.5%.

المدة بين يناير ويوليو

في المدة بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز، ارتفعت إيرادات النفط والغاز الروسية إلى 6.777 تريليون روبل (78 مليار دولار)، بزيادة 61.6%، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي (4.193 تريليون روبل)، وفقًا لموقع وزارة المالية على الإنترنت.

وعلى مدار الأشهر الـ7، جلبت الضرائب على استخراج مكثفات النفط والغاز وتصديرها للموازنة 7.944 تريليون روبل.

النفط الروسي

وشهدت أكبر زيادة في ضريبة الدخل الإضافية من استخراج الهيدروكربونات، التي ارتفعت 2.2 مرة إلى 1.539 تريليون روبل.

وزادت ضريبة استخراج المعادن ورسوم تصدير الغاز بنسبة 6.7% إلى 1.022 تريليون روبل.

في الوقت نفسه، زادت المدفوعات العكسية من الموازنة لشركات النفط مقابل وعود باحتواء نمو أسعار الوقود المحلية ضمن معدل التضخم.

وفي الأشهر الـ7 الأولى من عام 2024، تلقت شركات النفط 1.128 تريليون روبل من الخزانة بصفتها مدفوعات بموجب آلية تخميد أسعار للوقود، وهو ما يزيد بنسبة 72.7% على 653 مليار روبل تلقتها خلال المدة نفسها من عام 2023.

التوقعات المستقبلية

تظهر اليوم علامات نهاية هذا الازدهار النفطي، فمنذ أواخر يونيو/حزيران 2024، انخفض سعر النفط بأكثر من 10 دولارات، من 86.6 دولارًا إلى 76.1 دولارًا للبرميل من خام برنت الحالي.

وكان هذا الانخفاض في الأسعار مستمرًا تقريبًا، ومن المرجح أن يستمر.

رغم ذلك، يظل المسؤولون الروس هادئين، مشيرين إلى أن أسعار النفط لا تتوافق مع المستويات الحالية. ووصف نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، مؤخرًا نطاق سعر النفط بين 80 و85 دولارًا للبرميل بأنه مريح بالنسبة إلى روسيا.

وفي الأول من أغسطس/آب الجاري، عقد نوفاك اجتماعًا آخر للجنة المراقبة الوزارية لتحالف أوبك+، إذ صرّح قائلًا: “الوضع في أسواق النفط العالمية مستقر”.

ومن المتوقع أن يبلغ نمو الطلب بحلول نهاية عام 2024 مستوى 2.2 مليون برميل يوميًا.

ولُوحظ في الاجتماع أن احتياطيات النفط أقل من مستويات 5 سنوات.

See also  Crisis in the oil and gas sector in Iran within months (article)

اسعار النفط الروسي

وأكدنا مرة أخرى القرارات التي اتُّخذت في الاجتماع الوزاري في 2 يونيو/حزيران بشأن تأثير القيود العامة في إنتاج النفط حتى نهاية عام 2025.

وتسري الالتزامات الطوعية بالحد من إنتاج النفط من جانب الدول الفردية، بما في ذلك روسيا، حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام.

وبدءًا من الربع الرابع، إذا كان الوضع مع توازن العرض والطلب مواتيًا فمن الممكن حصول زيادة جزئية في الإنتاج.

تجدر الإشارة إلى أن التوقعات الحكومية المحدثة تتضمّن متوسط أسعار النفط السنوية لخام برنت عند 79.5 دولارًا.

وفي الوقت الحالي، تقل أسعار العقود الآجلة للبورصة بوضوح عن هذه التوقعات.

ولم نشهد مثل هذه الأسعار المنخفضة للنفط في الشهور الـ12 الماضية، باستثناء بضعة أيام في ديسمبر/كانون الأول 2023.

بالإضافة إلى انخفاض الأسعار الحالية، قد تتراجع إيرادات الخزينة بسبب انخفاض أحجام الصادرات المادية. في يوليو/تموز الماضي، انخفضت أحجام الصادرات البحرية من خام الأورال الروسي إلى 1.8 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى في آخر 19 شهرًا، وفقًا لبلومبرغ، التي تتعقب الصادرات من مواني التصدير الرئيسة في روسيا: بريمورسك وأوست لوغا ونوفوروسيسك.

وفي يونيو/حزيران 2024، بلغت صادرات خام الأورال نحو 2.2 مليون برميل يوميًا.

ووفقًا للسيناريوهات الأساسية والمتحفظة من توقعات وزارة التنمية الاقتصادية للاقتصاد الكلي للمدة 2024-2027، قد تبلغ صادرات النفط من روسيا في عام 2024 نحو 240 مليون طن، مقارنة بـ238 مليون طن في عام 2023.

وتشير الدلائل إلى أن زيادة كبيرة في إنتاج النفط غير مرجحة.

وذكرت بلومبرغ أن إجمالي حفر النفط في روسيا انخفض إلى مستويات قياسية، بسبب قيود الإنتاج المفروضة على الدول المشاركة في اتفاق أوبك+.

في النصف الأول من عام 2024، انخفضت أحجام الحفر بنسبة 2.5% مقارنة بالعام الماضي.

في أغسطس/آب الجاري، تتوقع وزارة المالية الروسية إيرادات إضافية من موازنة النفط والغاز تبلغ 166.72 مليار روبل.

جدير بالذكر أن إيرادات النفط والغاز الروسية لا تتعرض لتهديد كبير من الدول الغربية: أولًا، يجري خفض الأسعار لدرجات النفط الروسية.

إحدى محطات المحروقات في العاصمة موسكو
إحدى محطات المحروقات في العاصمة موسكو – الصورة من بلومبرغ

ثانيًا، الشركات الروسية مستعدة لتوريد كميات كبيرة من النفط إلى دول أخرى حتى مع سقف العقوبات السعرية.

وتقلّص الخفض على الدرجة الرئيسة للتصدير في روسيا، خام الأورال، مقارنة بخام برنت إلى أدنى مستوى له منذ بدء الصراع في أوكرانيا.

وقدرت منصة بلاتس أسعار خام الأورال على أساس تسليم ظهر السفينة بريمورسك بحسم 11.95 دولارًا للبرميل مقارنة بخام برنت في أوائل أغسطس/آب الجاري، وهو أصغر حسم منذ 23 فبراير/شباط 2022.

رغم ذلك، فإن حظر تصدير المنتجات النفطية من الاتحاد الروسي يمكن أن يقلل بصورة طبيعية من الموازنة وإيرادات شركات النفط.

وفقًا لخبراء من وكالة النفط ورأس المال Oil and Capital agency، وجدت الحكومة الروسية أن حظر صادرات الوقود هو الأداة الأكثر فاعلية لتنظيم سوق الوقود المحلية.

See also  علاقة النفط والغاز بين روسيا وتركيا تزدهر في 2024 (مقال)

ومنذ بداية الصيف وحتى بداية شهر أغسطس/آب الجاري، ارتفعت أسعار البنزين من النوع 92 بنحو 15%، كما ارتفعت أسعار البنزين من النوع أوكتان 95 بنحو 40%.

ويعتقد الخبراء أن المسؤولين نجحوا في التعامل مع المشكلة التي ظهرت العام الماضي، والآن أصبحت الحكومة تمتلك -ورقة رابحة- حظر تصدير الوقود.

التداعيات الجيوسياسية

تنطوي الزيادة الكبيرة في إيرادات النفط والغاز على عدة تداعيات جيوسياسية.

أولًا، إنها تعزّز موقف روسيا الاقتصادي، وتوفر للحكومة مزيدًا من الموارد المالية لدعم المبادرات المحلية والدولية.

وقد يؤدي هذا إلى زيادة النفوذ في أسواق الطاقة العالمية، خصوصًا داخل تحالف أوبك+، إذ تؤدي روسيا دورًا حاسمًا في تنسيق مستويات الإنتاج.

بالإضافة إلى ذلك، قد تعزّز الإيرادات المرتفعة النفوذ الجيوسياسي لروسيا، ما يسمح لها بملاحقة سياسات خارجية أكثر حزمًا، خاصة في المناطق التي لديها فيها مصالح إستراتيجية.

إلى جانب ذلك، فإن الاعتماد على إيرادات النفط والغاز الروسية يؤكد ضعف اقتصاد موسكو في مواجهة التقلبات في أسعار النفط العالمية والعقوبات المحتملة من دول أخرى، التي قد تؤثر في استقرارها الاقتصادي وإستراتيجيتها الجيوسياسية على المدى الطويل.

بدوره، فإن الانخفاض المحتمل في أسعار النفط في حالة الركود، إلى جانب قيود الإنتاج والتحولات المحتملة من عجز السوق إلى فائض، قد يضع روسيا في وضع اقتصادي محفوف بالمخاطر.

وقد يؤدي انخفاض الإيرادات من صادرات النفط إلى إجهاد موازنة البلاد، ما يؤثر في قدرتها على تمويل البرامج المحلية والمبادرات الأجنبية.

من جهة ثانية، قد يجري اختبار قدرة روسيا على الاحتفاظ بنفوذها داخل تحالف أوبك+، رغم عبء تخفيضات الإنتاج على الاقتصاد.

وقد يؤدي الفائض المحتمل في المعروض العالمي من النفط، خصوصًا إذا ظلّ نمو الطلب غير مستقر، إلى تفاقم التوترات الجيوسياسية.

وقد تسعى البلدان المعتمدة على إيرادات النفط إلى زيادة حصتها في السوق من خلال تقديم أسعار تنافسية، ما يؤدي إلى حرب أسعار محتملة.

بالإضافة إلى ذلك، يشير التخفيض الضيق على خام الأورال إلى إعادة تنظيم محتملة للشراكات التجارية؛ إذ تتعامل دول مثل إندونيسيا مع الامتثال للعقوبات، في حين تسعى إلى صفقات طاقة مفيدة.

وعلى الرغم من أن روسيا تواجه انخفاض أسعار النفط ونشاط الحفر، فإنه قد يتضاءل نفوذها الجيوسياسي، ما يدفعها إلى تعزيز العلاقات مع الدول غير الغربية للتخفيف من الضغوط الاقتصادية.

ويؤكد هذا السيناريو الطبيعة المترابطة لأسواق الطاقة العالمية وتأثيرها العميق في العلاقات الدولية، إذ يمكن للتحولات الاقتصادية في منطقة واحدة أن تنعكس على المشهد الجيوسياسي.

فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *