شهد إنتاج البنزين في نيجيريا طفرة سريعة قلبت أوضاع البلاد في هذا القطاع، وحولتها من مستورد للوقود إلى مصدّر، بل أصبحت أبوجا تشكو التخمة بعد معاناة طويلة من افتقارها لهذا الوقود المهم.
وتستعد أكبر مصفاة نفط في أفريقيا لإطلاق أول شحنة بنزين ، بعد سنوات طويلة من الاعتماد الكامل على واردات الوقود، في حين يشكّل نقلة نوعية للدولة الواقعة غرب القارة.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتطورات عمل مصفاة “دانغوتي” الأكبر في نيجيريا والقارة السمراء، فإن التوقعات تشير إلى جاهزية أول شحنة بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
وجاءت هذه الخطوة بعدما عانى قطاع النفط النيجيري من ظواهر مثيرة للجدل، مثل: سرقة النفط وتخريب خطوط أنابيب النقل، ما عزز التركيز المفرط على واردات الوقود لصعوبة الإنتاج محليًا، إثر نقص الخام وضعف البنية التحتية.
وأثارت هذه التداعيات المخاوف من سحب شركات النفط الأجنبية استثماراتها، فضلًا عن الخسائر المالية الباهظة التي قُدِّرت بنحو 410 ملايين دولار، في مايو/أيّار الماضي.
بنزين “دانغوتي”
تستعد أكبر مصفاة نفط في أفريقيا -التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 650 ألف برميل يوميًا- لتجهيز وإطلاق أول شحنة بنزين بحلول الشهر المقبل.
وأرجأت الشركة المشغّلة للمصفاة بدء تشغيل وحدات إضافية، لتركيز الاهتمام نحو إغراق السوق المحلية بإمدادات البنزين اللازمة، توازيًا مع جهود تبذلها شرطة النفط الوطنية التابعة للحكومة النيجيرية (NNPC) لضبط مستويات الأسعار في السوق.
وتضمَّن تطوير مصفاة “دانغوتي” وتعزيزها بالوحدات الإضافية، التخطيط لتشغيل وحدة تكسير حفزي بطاقة 247 ألف برميل يوميًا، بعدما حصلت هذه الوحدة على الموافقات اللازمة في أبريل/نيسان الماضي، وفق ما أوردته منصة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة.
وكان مقررًا -أيضًا- تعزيز أكبر مصفاة نفط في أفريقيا بوحدات أخرى معنية بعمليات الألكلة (Alkylation) -هي نقل التفاعلات الكيميائية بين الجزيئات- بطاقة 27 ألف برميل يوميًا، بعد الموافقة عليها في مايو/أيّار الماضي.
وكانت شركة النفط النيجيرية قد باعت ما يزيد عن 3.6 مليون برميل نفط خام إلى مصفاة “دانغوتي”، في يوليو/تموز الماضي.
وتبدأ شركة النفط النيجيرية بيع النفط الخام إلى أكبر مصفاة نفط في أفريقيا بالنايرا المحلية، من مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعدما اقتصرت التعاملات السابقة على الدولار.
*(النايرا النيجيرية = 0.00064 دولارًا أميركيًا).
ومن شأن هذه الخطوة أن توفر دعمًا قويًا لسير عمل مصفاة “دانغوتي”، بعدما ألقت التسعير بالدولار بالمزيد من الأعباء المالية عليها، وأثّرت في شراء كميات الخام.
استعدادات “بورت هاركورت”
يبدو أن الطفرة لم تكن من نصيب أكبر مصفاة نفط في أفريقيا وحدها، إذ شهد إنتاج البنزين من مصفاة “بورت هاركورت -التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 210 ألف برميل يوميًا- زيادة أيضًا.
وتستعد مصفاة “بورت هاركورت” -نهاية أغسطس/آب الجاري- لإعادة تشغيل وحدة بطاقة 60 ألف برميل يوميًا، بعدما واجهت تأخيرات عدّة، إذ كان مقررًا إطلاقها في أبريل/نيسان العام الماضي 2023.
وخلال النصف الأول من شهر يوليو/تموز الماضي، استقبلت المصفاة 450 ألف برميل من الخام النيجيري المحلي “خام بوني الخفيف”، وهي الدفعة الثانية لتدفقات الخام، بعدما تلقّت المصفاة -نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي وخلال يناير/كانون الثاني- 475 ألف برميل.
وتُشغّل المصفاة -في أكتوبر/تشرين الأول المقبل- معدّات إصلاح ومعالجة لتغذية هذه الوحدة، بهدف تطوير إنتاج النافثا.
وقد تتلقى سوق الوقود في نيجيريا المزيد من إمدادات مصفاة “بورت هاركورت” الآونة المقبلة، بعدما طلبت شركة تجارة فرعية تابعة لشركة النفط الحكومية تصريحًا لبيع الكيروسين والديزل محليًا، وتصدير النافثا وزيت الوقود.
تخمة البنزين في نيجيريا
حذّرت نيجيريا من تداعيات زيادة إنتاج البنزين من أكبر مصفاة نفط في أفريقيا “دانغوتي”، ومصفاة “بورت هاركورت” أيضًا.
وأطلقت الحكومة جرس إنذار حول تأثير تخمة إنتاج البنزين بالمصفاتين في المعروض، خاصة بمنطقتي غرب أفريقيا وشمال غرب أوروبا.
وكانت نيجيريا -حتى وقت قريب- أكبر مستهلك للبنزين في هاتين المنطقتين، ما يشير إلى إن اكتفاءها ذاتيًا قد يغيّر معادلة المعروض، وربما تتأثر أسواق الطاقة الإقليمية والأوروبية.
ومنذ عام 2017، استحوذت شركة النفط النيجيرية على استيراد البنزين للبلاد بنظام مبادلة الخام بالوقود المكرر، وبدأت منذ نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي الشراء نقدًا.
وبالإضافة لذلك، استورد مشترون مستقلون 8 شحنات خلال العام الماضي أيضًا.
ويعدّ ذلك تحولًا نوعيًا في سياسة الطاقة للدولة الأفريقية، إذ واصلت تطوير أكبر مصفاة نفط في أفريقيا ومصفاة “بورت هاركورت” بالتوازي مع استمرار تلقّي الواردات، إلى أن بات إنتاج انطلاق أول شحنة بنزين من مصفاة “دانغوتي” وشيكًا.
وتتبنى شركة النفط النيجيرية برنامجًا تتطلع لتنفيذه بالتعاون مع مصفاة “دانغوتي”، بالتأسيس للتعامل بالدولار الأميركي، خلال تزويدها المصفاة بالخام مقابل تلقّي إمدادات البنزين.
وبالنظر إلى أن إنتاج مصفاة دانغوتي “أكبر مصفاة نفط في أفريقيا” وحده يلبي طلب السوق المحلية في نيجيريا، يشكّل البرنامج منفعة مزدوجة بالاستغناء عن الواردات من جهة، ويقلّص الطلب على العملة الأجنبية من جهة أخرى.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply