اقرأ في هذا المقال
- • إيران تواجه حاليًا مشكلة خطيرة في مجال الطاقة
- • المرشّحون أقرّوا بالحاجة الماسّة لتحسين البنية التحتية لدعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الطاقة
- • إمكانات إيران في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير مستغلة إلى حدّ كبير
- • معالجة الطلب المحلي على الطاقة وكفاءتها تُعدّ أمرًا محوريًا لتحسين موارد الطاقة في إيران
تتفاقم أزمة الطاقة في إيران بشكل خطير، وهو ما يعدّ من المفارقات الغريبة، لأن البلاد تمتلك أكبر احتياطيات من النفط والغاز على مستوى العالم.
وعلى الرغم من وفرة موارده، يواجه قطاع الطاقة الإيراني صعوبات عديدة، مثل البنية التحتية القديمة، وعدم الكفاءة، وتأثيرات العقوبات الدولية.
وقد أدت هذه المشكلات إلى نقص منتظم في الطاقة، خصوصًا في إمدادات الكهرباء والغاز الطبيعي، ما كان له تأثير سلبي في معيشة عامة الناس والاقتصاد.
من ناحية ثانية، تتّسم أزمة الطاقة في إيران ببعد تقني واقتصادي، عدا عن أنها قضية سياسية ساخنة، خصوصًا في المدة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
المناظرات الانتخابية
تتركز المناظرات الانتخابية الرئاسية، حاليًا، على قضية أمن الطاقة وحل أزمة الطاقة في إيران، التي تشمل إمكان الوصول إلى إمدادات الطاقة وموثوقيتها، وسعرها لجميع شرائح المجتمع.
وعلى الرغم من أن المرشحين يحددون إستراتيجياتهم للتعامل مع أزمة الطاقة في إيران، وتعزيز الإنتاجية، وضمان إنتاج واستهلاك الطاقة المستدامة، تخضع مواقفهم بشأن سياسة الطاقة للتقييم والدراسة.
قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 28 يونيو/حزيران الجاري لاختيار خليفة للرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، شارك 6 مرشحين في مناظرة متلفزة ركّزت على الإستراتيجيات الاقتصادية وسط تحديات كبيرة، بما في ذلك العقوبات الأميركية والتوترات الإقليمية.
وتأتي هذه الانتخابات في أعقاب وفاة رئيسي المأساوية في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.
وكانت المناظرة هي الأولى من بين 5 جلسات مقررة، إذ حدَّد المرشحون مناهجهم تجاه العقوبات الدولية، والإصلاحات الاقتصادية، وإجراءات مكافحة الفساد، وإن كان ذلك دون خطط مفصلة.
وشارك في المناظرة 5 مرشحين متشددين وإصلاحي واحد، ما يعكس المشهد السياسي الإيراني في عهد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وكان من بين أبرز المرشحين، محمد باقر قاليباف، الذي أعطى الأولوية لرفع العقوبات من خلال الدبلوماسية والاستقرار الاقتصادي، وعمدة طهران علي رضا زاكاني، الذي يدعو إلى استقرار العملة والاستقلال الاقتصادي، وسعيد جليلي، الداعم للاستثمار في المواهب الوطنية من أجل النمو الاقتصادي.
ودعا مصطفى بور محمدي إلى المصالحة الوطنية، في حين ركّز الإصلاحي الوحيد مسعود بيزشكيان على الانفتاح لتحفيز النمو الاقتصادي.
وتعهَّد المرشحون، عمومًا، بتحسين التوقعات الاقتصادية لإيران، إلّا أنهم واجهوا انتقادات بسبب عدم وجود خطط مفصلة.
ومن المتوقع أن تتعمق المناظرات اللاحقة، التي تنتهي في 25 يونيو/حزيران الجاري، أي قبل 3 أيام فقط من الانتخابات، في هذه الإستراتيجيات الاقتصادية.
أمن الطاقة في المناظرات الانتخابية
برزت أزمة الطاقة في إيران، وتحديدًا أمن الطاقة، نقطة محورية في المناظرات بين مرشحين الانتخابات الرئاسية، إذ تركزت المناقشات على التأثير العميق الذي تخلّفه العقوبات الأميركية في اقتصاد البلاد، بما في ذلك ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملة.
ووعد المرشحون بالإجماع بإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، وسط دعوات لتقديم خطط أكثر قابلية للتنفيذ.
وسلّط المرشحون الضوء على الحاجة إلى تغييرات هيكلية وجهود دبلوماسية لرفع العقوبات، واتخاذ تدابير داخلية لتحقيق الاستقرار ونمو الاقتصاد.
وعلى الرغم من غياب تفاصيل بشأن مشروعات البنية التحتية المحددة للطاقة، أقرّ المرشحون بالحاجة الماسّة لتحسين البنية التحتية لدعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الطاقة.
ووسط غياب مناقشة الاستثمارات في الطاقة المتجددة باستفاضة، اعتُرِفَ ضمنًا بدورها في الحدّ من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز الممارسات المستدامة.
على صعيد آخر، أكد المرشحون أهمية التعاون الدولي في التغلب على التحديات الاقتصادية، مشددين على الدبلوماسية لرفع العقوبات وجذب الاستثمار الأجنبي.
ودعوا إلى تعزيز الإنتاج المحلي لتعزيز الاقتصاد وإصلاح دعم الطاقة لتخفيف الضغوط الاقتصادية، دون المساس بالدعم المقدّم للأسر ذات الدخل المنخفض.
وبصورة عامة، سلّطت المناظرات الضوء على تركيز المرشحين على المرونة الاقتصادية، وكفاءة الطاقة، والعدالة الاجتماعية من خلال سياسات الطاقة المستهدفة، لحلّ أزمة الطاقة في إيران.
ومع اقتراب الانتخابات، سيكون وضوح وعمق إستراتيجياتهم الاقتصادية عنصرًا محوريًا للتأثير في الناخبين المترددين والتعامل مع المشهد الاقتصادي المعقّد في إيران، وسط حالة من التقلبات العالمية.
الإدارة الجديدة وأزمة الطاقة في إيران
تواجه الإدارة الإيرانية الجديدة تحديات كبيرة في قطاع الطاقة لديها، خصوصًا بسبب العقوبات الأميركية التي تحدّ بشدة من الوصول إلى التكنولوجيا والأسواق الدولية والاستثمارات الأجنبية، التي تُعدّ ضرورية لتحديث البنية التحتية.
ولمواجهة هذه القيود، وحل أزمة الطاقة على إيران، على الدولة أن تعطي الأولوية لتنويع الشراكات مع الدول غير الغربية والحلفاء الإقليميين، والعمل على تعزيز القدرات التكنولوجية المحلية للحدّ من الاعتماد على الموارد الخارجية.
ومن الممكن أن توفر الجهود الدبلوماسية الرامية إلى التفاوض على تخفيف العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة تحديدًا، فرصًا أساسية لتنشيط هذا القطاع.
ويوجد مجال آخر بالغ الأهمية، وهو تطوير الطاقة المتجددة، إذ ما تزال إمكانات إيران في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح غير مستغلة إلى حدّ كبير، بسبب عدم كفاية الاستثمار والسياسات غير الكافية التي تفاقمت بسبب العقوبات.
ولمعالجة هذه العوائق، يتعين على الإدارة تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في مشروعات الطاقة المتجددة من خلال الحوافز المالية والأطر التنظيمية المستقرة، ومن شأن التعاون مع المنظمات الدولية والدول ذات الخبرة في مجال الطاقة المتجددة أن يعزز قدرة إيران في هذا القطاع الحيوي.
وفي مجال الغاز الطبيعي، تواجه إيران تحديات مثل النقص وممارسات الاستهلاك الضعيفة كحرق الغاز، بسبب البنية التحتية القديمة والفجوات التكنولوجية التي تفاقمت بسبب العقوبات.
ويتطلب التغلب على هذه القضايا استثمارات كبيرة في تحديث البنية الأساسية لإنتاج الغاز ونقله وتوزيعه.
ومن شأن اعتماد تقنيات متقدمة لالتقاط الغاز واستعماله أن يعزز الكفاءة بصورة كبيرة، ويحسّن احتياطيات الغاز الطبيعي الوفيرة في إيران.
وعلى الصعيد المحلي، تواجه إيران إعانات دعم واسعة النطاق للطاقة، الأمر الذي أدى إلى تعزيز الاستهلاك المفرط وارتفاع كثافة الطاقة في مختلف القطاعات.
ويتطلب تصحيح سياسة الدعم مع حماية الفئات السكانية الضعيفة اتّباع نهج تدريجي، إلى جانب مبادرات لتعديل أسعار الطاقة لتعزيز ممارسات الاستهلاك المسؤولة من خلال التوعية العامة وحوافز الكفاءة.
وتشكّل البنية التحتية القديمة للنفط والغاز في إيران تحديًا إضافيًا، إذ يقترب العديد من الآبار من نهاية العمر الإنتاجي.
ويُعدّ جذب استثمارات كبيرة لتطوير هذه البنية التحتية أمرًا بالغ الأهمية.
ومن الممكن أن تؤدي الاستفادة من الشراكات مع الشركات الدولية للحصول على الخبرة التكنولوجية والدعم المالي، إلى جانب تنفيذ تقنيات الاستخراج المتقدمة، إلى تجديد قطاع النفط والغاز الإيراني، وسط حالة الضبابية الاقتصادية.
تنويع الأسواق وفتح آفاق جديدة للتصدير
في المقابل، يُعدّ تنويع أسواق التصدير أمرًا ضروريًا بالنسبة لإيران، التي تعتمد تقليديًا على عدد قليل من الأسواق، مثل أوروبا وآسيا المقيدة بالعقوبات.
ويمكن لتعزيز علاقات الطاقة مع الدول المجاورة واستكشاف أسواق جديدة في آسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية أن يخفف من المخاطر، ويوسّع دور إيران العالمي في مجال الطاقة.
بدورها، تشكّل المبادرات الدبلوماسية الرامية إلى التفاوض على اتفاقيات تجارية جديدة وطرق تصدير بديلة، أهمية بالغة في هذه الإستراتيجية.
وتُعدّ معالجة الطلب المحلي على الطاقة وكفاءتها أمرًا محوريًا لتحسين أزمة الطاقة في إيران، عبر تعزيز الموارد للاستعمال المحلي وإمكانات التصدير.
ويمكن لتنفيذ معايير صارمة لكفاءة استعمال الطاقة عبر الصناعات، وتعزيز حلول النقل المستدامة، والاستثمار في تقنيات الشبكات الذكية، أن يعزز قدرات إدارة الطاقة ويقلل الاستهلاك الإجمالي.
وأخيرًا، فإن جذب الاستثمارات لتحديث قطاع الطاقة في إيران وسط التحديات الاقتصادية والسياسية يتطلب بيئة تنظيمية مستقرة.
ومن الممكن أن يؤدي تقديم الحوافز المالية، والإعفاءات الضريبية، وضمانات الاستثمار، إلى تخفيف المخاطر وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل تطوير البنية التحتية.
إن اتّباع هذه الاستراتيجيات بصورة شاملة سيساعد إيران في التغلب على تعقيدات قطاع الطاقة، وتخفيف آثار العقوبات، وتحقيق أمن الطاقة المستدامة والمرونة الاقتصادية.
على صعيد آخر، يواجه قطاع الطاقة في إيران تحديات كبيرة تتفاقم بسبب العقوبات الدولية، والبنية التحتية القديمة، وممارسات الاستهلاك الضعيفة.
وقد أدت هذه العقوبات إلى الحدّ بشدة من قدرة إيران على الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل والأسواق العالمية التي تُعدّ ضرورية لتحديث البنية التحتية وتوسيع قدرات إنتاج الطاقة.
وتؤدي البنية التحتية القديمة للنفط والغاز إلى تفاقم المشكلة، ما يقلل من الكفاءة، ويعوق قدرة إيران على تلبية الطلب المحلي وطلبات التصدير.
تجدر الإشارة إلى أن ممارسات الاستهلاك الضعيفة، مثل دعم الطاقة على نطاق واسع، تشجع على الاستعمال المفرط، وتضغط على الموارد الوطنية.
تحفيز الاستثمار في البنية الأساسية للطاقة
في أعقاب الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 يونيو/حزيران الجاري، يتعين على الإدارة الجديدة في إيران أن تعطي الأولوية للإصلاحات الاقتصادية من أجل تحفيز الاستثمار في البنية الأساسية للطاقة وتعزيز التنمية المستدامة.
ويشمل ذلك استثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتنويع مزيج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويشكّل تحديث البنية التحتية للنفط والغاز أهمية بالغة لتعزيز كفاءة الإنتاج والقدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
ومن الأمور الحاسمة في هذه الجهود، اتّباع نهج دبلوماسي يهدف إلى رفع العقوبات ومراجعة السياسات الخارجية لتعزيز التعاون الدولي بشكل أفضل.
ويُعدّ الالتزام بالمعايير المالية الدولية، مثل لوائح مجموعة العمل المالي (FATF)، أمرًا ضروريًا لتعزيز المصداقية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة لتطوير قطاع الطاقة.
من ناحية ثانية، فإن الفشل في معالجة هذه التحديات يمكن أن يؤدي إلى تعميق أزمة الطاقة في إيران، ما يحدّ من قدرتها على تلبية الطلب المحلي والمنافسة في أسواق الطاقة العالمية.
لذلك، تواجه الإدارة الجديدة نقطة انعطاف تتطلب اتخاذ قرارات إستراتيجية بشأن الإصلاح الاقتصادي، والاستثمار في الطاقة المتجددة، وتحديث البنية التحتية، والعلاقات الدولية، لحلّ أزمة الطاقة في إيران.
ويعُدّ النجاح في هذه المجالات أمرًا حيويًا لتحقيق استقلال الطاقة، وضمان الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز الاستدامة البيئية، وسط تحديات الطاقة العالمية المستمرة.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Leave a Reply